يتناول هذا البحث المنشور في مجلة العرب في رجب وشعبان 1442هـ الموافق آذار - نيسان/ مارس- أبريل 2021م مدينة الخرج بالحديث، حيث أجاد الباحث في عرضه وحديثه عن هذه المحافظة الخضراء مستحضرًا أثناء كتابته أعماقها الضاربة في التاريخ ومستشهدًا على ذلك بالكم الهائل من الآثار. والخرج إحدى محافظات منطقة الرياض تقع جنوب شرقها وتبلغ مساحتها 19790 كيلومتر مربع، وهي من الواحات الرئيسية في قلب الجزيرة العربية. تميزت بأنها من أكثر المناطق جذبًا للتجمعات البشرية منذ القدم بما فيها من مقومات طبيعية كخصوبة الأرض وتوافر المياه وخامات الحجارة الموجودة فيها، علاوة على توسطها الجزيرة العربية وكونها ممرًا لطرق القوافل.
بيَّن الدارس أن أعمال المسح الأثري كشفت عن دلائل قدم الاستقرار البشري في محافظة الخرج حيث وجدت مواقع تحتوي على أدوات حجرية تعود للعصر الحجري القديم والأوسط تؤرخ ما بين 150000- 50000 سنهق.م
وخلال العصر البرونزي 3000 سنة ق.م ومما يشير على كثافة الاستيطان البسري في هذه المنطقة كثرة حقول تلال المقابر العائدة لتلك الفترة.
ذكر الباحث إنه خلال العصور التاريخية القديمة ظهر اسم (جو) في المصادر التاريخية، ويذكر الاخبارية أن أقدم الممالك التي سكنت هذه المنطقة هم فبيلتا طيم وجديس.
شهدت الخرج خلال القرون الخمسة الأولى من الهجرة نموًا سكانيًا وتطورًا حضاريًا في حين ذكرت المصادر ومن بينها الهمداني أن في جو (الخرج) العديد من القرى والحصون، وذكر من هذه القرى الضبياه والملحاء.
ازدهرت الحياة الاقتصادية في واحة الخرج نظرًا لما امتازت به المنطقة من وفرة مواردها المائية وعيونها وخصوبة أراضيها.
بيَّن الباحث في دراسته المواقع الأثرية التي وُجدت في الخرج حيث اجتذبت المنطقة اهتمام الباحثين منذ فترات مبكرة، وأكدت الدراسات الأثرية التي أجريت في محافظة الخرج حقيقة العمق الحضاري والتاريخي والأهمية الأثرية للمنطقة. ومن أبرز الباحثين فيلبي خلال المدة 1917- 1918، وأشار إلى وجود مقابر ركامية وقنوات مياه. كذلك جيرالدغوري وهو دبلوماسي بريطاني مرَّ بالخرج عام 1945م وذكر وجود مقابر ركامية قريبًا من السيح، وفي عام 1978م أسفر المسح الشامل للإدارة العامة للآثار والمتاحف عن تسجيل 16 موقعًا أثريًا يكتد في الفترة ما بين العصر الحجري القديم (150000) حتى العصر الإسلامي. أيضًا من الدراسات المهمة لآثار محافظة الخرج ما أجراه د/عبدالعزيز الغزي حيث قام بعمل مسح أثري في بلدة اليمامة وحزم عقيلت ومقابر العفجه. وغيرها من الدراسات التي تناولها الباحث بالذكر والشرح موضحًا أن آثار ما قبل التاريخ قد اشتملت على المواقع الأثرية التي تحوي المقابر والمنشآت الحجرية، كما كسفت الدراسات عن العديد من مواقع القرى المندثرة.
ولا يسعني في الختام إلا أن أجزل شكري للدكتور سعيد دبيس على هذه الدراسة البحثية وهذه المعلومات الثرية التي تتعلق بمنطقة الخرج وآثارها، وأعتقد أن هذه الدراسة مرتكز للعديد من الدراسات البحثية القادمة لمنطقة الخرج والتي تمتلك عمقًا تاريخيًا وإرثًا حضاريًا جديرًا بالدراسة والبحث والتنقيب. كما يشكر للباحث تتبعه للرحلات الاستكشافية وإيراده لجهودها ونتائجها البحثية، وما توصلت إليه وما أوصت به. مبينًا وموضحًا للقارئ أن هذه المنطقة ما زالت تحتاج إلى المزيد من الرحلات الاستكشافية والكتابات البحثية التي تعزز وتؤكد دورها التاريخي الذي كانت تعيشه وما تمتلكه من مقومات حضارية جديرة بالدراسة والاهتمام.
** **
د. مريم بنت خلف العتيبي - جامعة الأمير سطام بن عبدالعزيز