عبده الأسمري
امتطى صهوة «المهام» وانتقى حظوة «الإلهام» وزرع بذور «اليقين» على أرضية «العصامية» حاصداً الطموح في أعلى «الصروح» ليكون رجل الأعمال وبطل الأفعال وعقل المال الذي نثر «عبير» السيرة بنفائس «النجاح» ونشر «تعبير» المسيرة بأنفاس «الكفاح».
ما بين متون التجارة ومزون الشطارة ومن عمق الإثراء الذاتي إلى أفق الثراء المالي أضاء دربه بنبراس «الصبر» ونال حظه بأساس «الجبر» فكان «الإنسان» في مواقف «الخير» و»الخبير» وسط وقفات «التخطيط» و»الثري» أمام أرقام التنافس.
إنه رجل الأعمال الملياردير الراحل سليمان العليان رحمه الله أحد أبرز أثرياء السعودية والوطن العربي ومن أهم الأسماء التجارية المعروفة على مستوى العالم.
بوجه قصيمي تسكنه علامات «الإنصات» وتحفه سمات «الثبات» مع تقاسيم نجدية تتشابه مع والده وتتكامل مع عائلته وأناقة وطنية زاخرة بالأناقة وكاريزما مهنية فاخرة باللباقة وعينين تنضخين بالذكاء تلمعان حين المهمة وتدمعان حيث الرحمة ومحيا حافل بالرقي وصوت مكتظ باللغة العربية الفصحى في منصات «التتويج» وبالمفردات الإنجليزية المثلى في محافل «التوقيع» ولهجة بيضاء تبث «الارتياح» في مجالس القوم و»لغة» عصماء تنشر «التفوق» على طاولات «القرار» قضى العليان من عمره عقوداً وهو يؤسس «إمبراطورية» تجارية قطفت «السبق» عالمياً ونشرت «العبق» عربياً ليكون «الاسم» المتفق عليه في إضاءات «الاقتداء» و»الرمز» المقتدى به في إمضاءات «الاحتذاء» تاجراً وخبيراً ومستثمراً كتب للوطن تفاصيل «المعاني» وأبقى للأجيال عنوان «التفاني» ليقيم في «الذاكرة» المشعة الغنية ببصائر البدايات الصعبة ومصائر النهايات المبهجة.
في عنيزة الشهيرة بزف «التجار» إلى ميادين «النماء» ولد عام 1918 في يوم شتوي.. وسط فرحة غمرت أرجاء قريته واستعمرت أنحاء قبيلته وكان له موعد فجائي مع «اليتم» الباكر الذي تسرب إلى عمقه وامتلأ به أفقه حيث تفتحت عيناه على «فقدان» موجع لأب عظيم أهدى أسرته «كنوز» الفضل وأم متفانية أبقت لأبنائها «جواهر» النبل ليعيش طفولته مجللا بسيرتهما «الناصعة» مكللا بسمعتهما «اللامعة».
عاش العليان «طفولة» مؤلمة كان يرى والديه من «منظار» القيم التي تشربها صغيراً وظلت وقوداً يستمد منه «دوافع» الرحلة ويجني منه «منافع» المرحلة.. تولت جدته رعايته وتربيته واغدقت عليه بغنائم الحنان ومغانم الاعتناء.
ونظرًا لظروف الحياة القاسية سافر في رحلة مضنية على ظهور الإبل ثم متن القوارب برفقة أخيه الأكبر الذي كان يعمل عند أسرة «العجاجي» بالبحرين ودرس هنالك ولكنه ترك مقاعد الدراسة ليتجه إلى دروب الوظيفة حيث التحق بشركة نفط البحرين، مراقباً لكميات البترول في الصهاريج وضخها في السفن براتب عشرة دولارات شهرياً ثم انتقل للعمل بشركة أمريكية والتي تحولت لاحقا إلى «أرامكو» حاليا وعين على الرقم 40 في الشركة العملاقة ليكون من أوائل الموظفين بها وعمل مراقبا لدخول المركبات وانتفض بكل عزائمه لمعرفة التفاصيل والمنفصلات في صنعته الجديدة وعمل بين الأمريكان واقتبس مضامين العمل والجودة والاجارة وطفق ينمي لغته الإنجليزية ويملأ وعاء ثقافته بكل جديد ومفيد حتى أجاد لغة المهندسين والسباكين والفنيين والحرفيين والاداريين ثم ترقى ليكون احد قيادي المستودع الذي يعمل به وعمل مترجماً حتى بات المترجم المُعتمد، بين الشركات البترولية وبين الملك المؤسس عبدالعزيز آل سعود، رحمه الله. وبعد رحلة من الكد والجلد اشترى أول منزل له بالخبر وظل يمارس العمل في اتجاهات مختلفة.
أسس العليان شركة مقاولات ثم فاز بمناقصة لتنزيل المواد من السفن في ميناء «رأس مشعاب». ثم اشترى ثلاث شاحنات، وعمل في المجال البترولي وكانت سواعده الفتية جنباً إلى جنب مع عماله وموظفيه وارتفع مستوى تجارته ليصل عدد شاحناته 150 وبلغ عدد العمال لديه 4000 عامل.
فاز العليان بمشاريع المقاولات في خط التابلاين وأصبح اكبر المقاولين في المشروع ولأنه مسكون بالتحدي ومفتون بالمغامرة سافر في جولات عملية لزيارة روما ولندن ونيويورك وكاليفورنيا وهاواي واستراليا وأًصبح وكيلاً معتمدا في السعودية للعديد من الشركات الامريكية ثم أسس العلَيان شركة الغاز الأهلية ثم غادرها وأسس شركة للتأمين واستمر في أعمال متواصلة.
وفي الستينيات الميلادية قرر العليان نقل استثماراته إلى بيروت واستثمر عقليته الفذة في توظيف مهارات الابتكار في تطوير الاستثمار ليحصد نجاحات كبرى في لبنان ونظير كفاءاته تم تعيينه عضواً بمجلسي إدارة بنك الرياض والخطوط السعودية.
بعد سنوات من الكفاح وقف العليان معتلياً مستويات «التميز التجاري ليرى إنجازه أمامه في شركة العلَيان السعودية القابضة التي تتفرع منها عشرات الشركات الأخرى.
امتلك العليان بعد نظر جعله يحيل إدارة أعماله في المملكة لأنجاله الثلاثة: خالد وحياة ولبنى واستعان بابنته حذام في رحيله لنيويورك، إذ خاض تجربة استثمار طويلة بدأت من دولارات محدودة ووصلت إلى 8 مليارات دولار في أمريكا وأوروبا
واختير عضواً في عدد كبير من مجالس إدارات بنوك أمريكية وبعض الشركات، ونال عضويه في اللجنة الاستشارية، لمركز الدراسات الاستراتيجية والدولية في واشنطن، واختير عضواً في المجلس الاستشاري العالمي لبنك «جي بي مورجان»، وعضواً في مجلس جامعة روكفلر بنيويورك، ورئيساً لمنتدى حوار رجال الأعمال، باللجنة الاقتصادية السعودية - الأمريكية
وفي بريطانيا امتلك العليان أكثر من عشر أسهم شبكة الكهرباء الوطنية، وحضرت شركاته بقوة بالسوق الاستهلاكية السعودية بامتلاكها وكالات شركات ضخمة مثل كوكا كولا، ومصانع متعددة لشركات امريكية عملاقة وساهم في تأسيس البنك السعودي البريطاني وترأس أول مجلس إدارة له.
أًصدر الكاتب البريطاني، مايكل فيلد، سيرة سليمان العليان الشخصية، في كتاب بالإنجليزية، عام 2000، وبعدها بعامين، ترجمه الدكتور حمزة المزيني للعربية، بعنوان «من عنيزة إلى وول ستريت».
صنفته مجلة «فوربس» الأمريكية عام 2002 في الترتيب الرابع والثلاثين ضمن أغنى أغنياء العالم بثروة مقدرة بـ7.7 مليار دولار)، واطلق اسمه على كلية إدارة الأعمال (جامعة بيروت الأمريكية).
سنوات طويلة برع فيها العليان بسر «المصابرة» وجهر «المثابرة» موثقاً مكتسبات الأمانة محققاً مكاسب النزاهة بأصل السجايا ونبل العطايا.. عاش نظيف اليد شفيف اللسان خفيف الظل. متواضع الحال.. لين الجانب.. واسع البذل.. صانع للفضل باذل للمعروف صائغ للإحسان.
رحل العليان في يوليو عام 2002 في أمريكا ونعته الأوساط الاقتصادية والدولية والوسائط الاجتماعية والمحلية.. وترك خلفه ذرية مباركة تسلموا «راية» الاعتزاز وحققوا «غاية» الإنجاز.. حافظوا على الإرث القويم من ديمومة «الثناء» وصانوا الميراث القائم من استدامة «السخاء».
سليمان العليان رحمه الله «امبراطور» المال وأسطورة» الاستثمار.. الوجه المضيء في مقامات «المؤثرين» والأنموذج السخي في قوائم «المنفردين».