عمر إبراهيم الرشيد
هل يشهد العالم قريباً ولادة الحلف الأحمر الذي يضم روسيا والصين؟ هذا استقراء خبراء السياسة الدولية من خلال معطيات الأحداث وليست الحرب على أوكرانيا أولها ولن تكون الأخيرة، إذا أن هذا الحلف بدأ بالتشكل على نار هادئة وبالأخص بعيد انسحاب أمريكا من منطقة الشرق الأوسط ولو جزئياً. إنما بلا شك أن اقتحام روسيا لأوكرانيا هو ما أطلق صيحة الإنذار الروسية لدول حلف الناتو التي عزمت على ضم أوكرانيا للحلف ليكون هذا الحلف على أبواب روسيا، وهو ما حذرت منه روسيا لكن أمريكا والغرب أعطوها آذاناً صماء وبعجرفة واضحة، وهو ما نتج عنه ثورة الغضب من قبل بوتين وأركان حكمه، حين شعر باقتراب الخطر من حدود دولته.
وبتأمل لحال العالم منذ بداية الألفية الثالثة وتحديداً ربما بعيد أحداث سبتمبر 2001، وجنوح الولايات المتحدة إلى توزيع حروبها وضرباتها بين أفغانستان والعراق، ومع تفردها بالقوة في ذلك الحين، إلا أن التخبط سواء في أفغانستان أو تركها العراق فريسة للمحتل الفارسي بانسحابها منه وهو منهار مؤسسات وشعبا، أقول بعد هذه الفترة الكئيبة، بدأ الدب الروسي في الاستيقاظ والتنين الصيني بالتمدد. ولقد عمد بوتين وهو ابن جهاز الاستخبارات الروسية (كي جي بي) إلى لجم المافيا الروسية وإعادة هيبة الدولة وأجهزتها وإنعاش الاقتصاد الروسي حتى استطاعت استعادة معظم قوتها العسكرية والاقتصادية. أما الصين فلقد استطاعت نقل 250 مليونا من سكانها من الطبقة الفقيرة الى الوسطى، ومعلوم أن تمدد واستقرار الطبقة الوسطى هي عماد استقرار الدول والمجتمعات بما أنها طبقة أصحاب المهن والتجار والموظفين، لأن الأثرياء قلة في كل مجتمع أو لنقل بأنهم ليسوا هم الفئة الغالبة، والفقراء مشغولون بتأمين ما يسد رمقهم، ومن هنا تأتي أهمية استقرار الطبقة الوسطى.
إضافة إلى ذلك، إحياء الصين لطريق الحرير ولكن بما يوازي قوتها الاقتصادية اليوم، عبر إنشاء حلف ومشروع اقتصادي تشترك فيه مع دول عديدة ومن ضمنها روسيا، في مشاريع البنية التحتية والإنشاء والخدمات. ولا ننسى تمددها الاقتصادي عبر القارة الإفريقية وقد فوتت على أمريكا هذه الفرصة فاقتربت من تصدر العالم كاكبر قوة اقتصادية. أما روسيا فتسير على هذا النهج عبر اتحادها مع عدد من جمهوريات الاتحاد السوفيتي السابق وتحالفاتها الدولية مع الصين وغيرها من الدول، وإذا ما نجحت في ضم أجزاء من أوكرانيا لها وهو ما بدأ بالفعل، فإنها ستستعيد نفوذها أيام الاتحاد السوفيتي، وسيغدو بوتين بالفعل قيصرها الجديد. فكيف إذا شكلت هاتان الدولتان وبلا شك مع دول شريكة أخرى حلفاً أحمر يأخذ مكان حلف وارسو، الذي كان بقيادة الاتحاد السوفيتي والذي انهار مع تفككها نهاية الثمانينيات الميلادية، إلى اللقاء.