صلاح بن عبدالعزيز الحسن
مع إشراقة شمس الصباح ونور أشعتها الذهبية الدافئة في فيافي بلادنا الغالية ونحن نتنزه في رحلة برية، حدثني رفيقي عن حديث والدته عندما أخبرها أنه ينوي المكشات والتنزه في البرية وما فيها من نقاهة وهدوء وطيب الأجواء العليلة مع بداية شهر مارس... ويقول لها إنه سيأخذها بعد خمس سنوات وسترى الغزلان والظبي والأرانب والنعام في صحرائنا الجميلة. فقاطعت حديثه وقلت له: سيكون ذلك قبل خمس سنوات «بإذن الله».. مما نراه من أنظمة وتشريعات بيئية وازدهار الغطاء النباتي وبينا نحن كذلك ونتحرى مضحى لنا لنستريح فيه ونستمتع بإفطار شهي تحت ظلال أشجار الطلح اليانعة والرمال الدمثة اللينة.. الممزوجة بزخرف الأرض ونباتها المعطر بريح النفل والنوير والخزامى.. إذا بنا نشاهد بأم أعيننا ذلك الطائر على رأس جبل! ويتساءل رفيقي عن نوعه؟ فقلت أقرب ما يكون يمام يتشمس مع برودة الطقس فهو يكون منتفش الريش ليبدو أكبر من حجمه وعندما اقتربنا منه إذا هو طائر ذكر الحجل ما لبث أن فرَّ طائراً عنا.. وكم كانت سعادتي ورفيقي بهذا المنظر الذي لم نشاهده منذ أكثر من ثلاثة عقود في مثل هذا المكان، وبدأنا باسترجاع الذكريات وكيف كانت هذه الشعاب والرياض الغناء والجبال الشامخة في ذلك الزمان مما كان يخبرنا به آباؤنا وكبار السن عنها وعن ما فيها من خير وأنعام.. وإذ نحن كذلك فإذا بنا نشاهد ظبيين من نوع الريم، صغيرين!! نعم (صخل) بقرنيها الناتئة الصغيرة وذيلها المعقوف الصغير وأخذت تقفز بكل جمال وبهاء وأناقة متجهة نحو أسفل المرتفع الصخري (الضلع) وكأنها تتبختر بجمالها العجيب.. لم أصدق ما أرى!!! فأوقفت السيارة وأخرجت الدربيل وأخذت أتمتع بهذا المنظر الأخاذ الممتع.. الذي لم أشاهده بأم عينيّ مُنذ خُلقت.. فعلاً ظبي؟? يجول بجوارنا في صحرائنا بكل أريحية وينظر إلينا بكل شموخ وثقة واعتزاز.
فالتفت إلى رفيقي.. وقلت له الحمد لله أن عشنا ورأينا عودة الحياة الفطرية لطبيعتها من موائل وأحياء حيوانات وطيور ونباتات.. هذا المنظر البديع الحقيقي للمحمية الطبيعية.. أن ترى هذه الأحياء في موائلها مباشرة دون حواجز وعلى طبيعة حياتها وسلوكياتها.. فما استشعرناه في هذه الرحلة كان مختلف الشعور حالة جمالية فريدة المشاعر وكأنها وربي من النعيم.
فأدركنا المعنى العميق لمستهدفات ذلك الفتى الأشم أمير العبور نحو المستقبل الزاهر الطموح لرؤية المملكة العربية السعودية في المجال البيئي.. ولي العهد الأمين حصن الدفاع المكين.. محمد الخير الذي وعد فأوفى.
وبقي علينا أن نساهم بالحفاظ عليها ورعايتها والدفاع عنها لنقلها للأجيال القادمة.