سلطان بن محمد المالك
التفكير خارج الصندوق (out of the box)، يعنى البحث عن أفكار جديدة وطرق إبداعية غير مألوفة، وهو أحد عناصر نجاح التسويق الحديث، ويعتبر صحياً عندما يكون خروجًا مرناً وسلساً ومبتكراً، وقد يكون خروجاً على المألوف وتمرّداً على الأدوات التقليدية وصولاً إلى عدم التواني من استخدام أي شيء، في سبيل الوصول إلى عقل المستهلك، وقبل ذلك بالطبع قلبه، وهذه هي القاعدة التي تتبعها اليوم شريحة واسعة من أصحاب القرار في الشركات، من أن الغاية هي قلب المستهلك وجيبه، بينما الوسيلة قد تكون اللعب على أوتار العادات والتقاليد والسياسة والثقافة (فبعض ما نشاهده من إعلانات تجارية خادشة للحياء مثال لذلك الخروج عن النص غير المرغوب فيه بأي حال من الأحوال). مؤخراً اكتشف المسوّقون أنه يتوجّب عليهم الخروج من رفوف المكتبات إلى الشوارع والأرصفة حيث الهم الحقيقي الذي يشغل الناس ويحرّك خياراتهم الاجتماعية كافة، ومنها الخيار التجاري الاستهلاكي. جنّدوا فرقهم من أجل ذلك، نشروا مخبريهم واندسوا بيننا، في عقولنا وقلوبنا وذاكرتنا وانتماءاتنا، فنجحوا أحيانًا وأخفقوا في أحيان أخرى.
بعض الشركات الكبيرة ذات العلامات التجارية المشهورة آثرت عدم الخروج عن النص والاستمرار في طريقتها التسويقية التقليدية إيمانًا منها بأن لديها قاعدة من العملاء الموالين وبالتالي فمبيعاتها لن تتأثر أو تتغير، ما حدث خلال السنوات الأخيرة هو العكس تماماً حيث منيت هذه العلامات التجارية العريقة والفخمة بخسائر كبرى على صعيد المبيعات، وردّ الخبراء هذه الخسائر إلى جملة من العوامل من بينها تقصير السياسات التسويقية للشركات أصحاب هذه العلامات، التي آثرت أن تنام على نجاحاتها في فترات سابقة وشهرة ماركاتها. من دون أن تعي تغيّر الظروف الاستهلاكية مع تحرر الأسواق وتنوّع الخيارات وتزايد الوعي الاستهلاكي واشتداد المنافسة وظهور البضائع الرخيصة التي قد تضاهي بجودتها، وقد تتفوّق أحيانًا، على جودة البضائع الفاخرة (التجربة الصينية ماثلة ومؤثّرة في هذا المجال)، هذا ناهيك عن ظهور البضائع المقلّدة التي تحمل مواصفات البضائع الأصلية وأحيانًا علاماتها التجارية.
الخلاصة أننا نعيش في عالم متغير ومتقلب وسريع يتطلب التفاعل مع متغيراته التي تحدث في اليوم والساعة والدقيقة من أجل تحقيق النجاح، أما من يبني خططه وإستراتيجياته التسويقية فقط على ما قرأه من خلال كتب التسويق فهذه وحدها لن تكفيه للحاق بالركب وسيدرك مع الوقت أنه يغرد خارج السرب.