علي الدميني ليس مجرد مثقف وشاعر كبير رائد ومجدد، فسيرته النضالية الحياتية والإنسانية ثرية وشاسعة، ولا أظن مثقفا في الوطن، لم يتعاط مع علي الدميني في أحد حقول المعرفة والإبداع، وهو اسم لامع في الأوساط الثقافية العربية وله قيمة رفيعة جدا، ولا أخال سيرته الأدبية شاعرا وناقدا وروائيا تخفى على أحد، ولعل المتابع لنشاطه الثقافي المبكر في حياته، يدرك أنه رائدا يقف في الصفوف الأولى وراء كل مشروع ثقافي.
تعود معرفتي بالأستاذ الكبير إلى زمن لا أدركه، فما عرفت نفسي إلا من خلال على الدميني قارئا، ومتخذا منه قدوة في الأدب والحياة، ولكن أجمل المحطات تلك التي بعثت فيها بنص قصصي إلى ملحق المربد الأدبي بصحيفة اليوم، كان أول نص لي ووسم بعنوان مسافر، والمفاجأة أنه نشر مرفقا بقراءة نقدية تفيض محبة، جعلتني كطائر يحلق في فضاء بلا حدود، ولم ينشر لي بعد ذلك أي قصة أو رواية دون أن اسمع منه رأيا ناقدا قد يكون قاسيا في بعض الأحيان، شاركته في أمسيات كثيرة واستمتعت وأفدت من الجلوس إليه، وبالذات في ملتقيات الرواية في الباحة حيث كنا نتقاسم ليالي السهر مع الأصدقاء، وكان ينثر بيننا معرفته الرفيعة وإبداعه المتجلي، ولما حان الرحيل وكنا على وعد بأن نعود إلى مدننا بالسيارة، نكثت الوعد بسبب أوجاع ظهري وسافرت بالطائرة، فأرسل إلي قصيدة هجاء ووزعها على الأصدقاء، فوجئت به في حفل تكريمه بجمعة الثقافة والفنون بالدمام، وقد وجهت لي دعوة لحضور حفل تكريمه، يأخذني جانبا ويسألني عن تفاصيل المرض، فلما أخبرته وهو صامت ينظر في وجهي، ربت على كتفي وقال:
- أخبرك شجاعاً فلا داعي للانكفاء، اهزم (الكنسر) ولا تجعله يهزمك!!
أما وهو يخوض معركة شرسة ضد المرض الخبيث، وبالذات بعد كل سؤال عن حالته او كتابة عبر الواتس معه أو مع الأصدقاء وبالذات محمد علوان فقد هزمت، وبقيت ثقتي بالله عز وجل ثم ثقتي بشجاعته أنه هناك وحيد، يصارع وحشا وغولا بيد بيضاء وقلب أبيض، رفع الله عنه كل ضر وابعد عنه كل شر!.
** **
- أحمد الدويحي