مها محمد الشريف
بعد دعوة أطراف الأزمة اليمنية إلى إجراء مشاورات في العاصمة السعودية الرياض، من أجل التوصل لوقف إطلاق النار برعاية الأمم المتحدة ودعم خليجي، استضاف مجلس التعاون الخليجي «مشاورات يمنية يمنية خلال الفترة من 29 مارس (آذار) إلى 7 أبريل (نيسان) 2022 بهدف توحيد الصف ورأب الصدع بين الأشقاء اليمنيين دعماً للشرعية اليمنية ولتعزيز مؤسسات الدولة، ولكن كان الرد من الحوثي هجمات على السعودية بمعنى أنها لا تريد الحوار أو الجهود الأممية لإنهاء الصراع.
وتريد هذه المليشيا فرض أمر واقع وهذا لن يتحقق لهم، فهل وضع الحوثيين أنفسهم في مأزق برفضهم المبادرات الخليجية ومواصلتهم الاعتداء على إمدادات الطاقة العالمية؟ إن من يجعل هذا الجو العاصف في اليمن لن يبدي أي تجاوب حول السلام، بل فضل الفوضى والهجمات المتفرِّقة على بلاده وعلى المملكة العربية السعودية بدعم من إيران وعليه أن يتحمّل هذا الخطر الداهم وسيكون رابضاً وسط العاصفة والقصف المبرح وحممه، ولن تنفعه طهران وسياستها الثورية وحقدها الدفين على دول الخليج وعلى المملكة.
وهنا أود أن أشير إلى أن المجتمع الدولي أصبح أمام موقف صعب لعدم اتخاذه قراراً حازماً من الحوثي بعد رفضه للسلام واستمراره في الأعمال الإرهابية، علماً أن حماية أمن إمدادات النفط السعودية مسؤولية دولية وليست قاصرة على المملكة فقط، وعقب هجمات متعددة استهدفت المنشآت النفطية، حذَّرت المملكة العربية السعودية من أن هذه الهجمات التي ينفذها الحوثيون في اليمن تشكِّل «تهديداً» لإمدادات النفط في الأسواق العالمية، والإعلان السعودي اليوم هو تحذير مهم جداً لزعماء العالم من تداعيات هجمات الحوثي، والتأثير على قدرة المملكة الإنتاجية والوفاء بالتزاماتها.
فمن خلال مسيرة التاريخ، قدمت المملكة لليمن الكثير من الدعم والمساندة، وتوسطت لكل الأطراف المتنازعة وقدمت كل ما يخدم الشعب اليمني من مساعدات مادية وإنسانية، ولكن الأمر بينهم كأنما أطلق أحدهم النار فأصاب قدميه حوثي يمني يقاتل مواطن يمني من أجل إيران ويدمر المستشفيات والمدارس ويقتل الأطفال.
ليس من الغريب أن تفقد الحركات الداعية للسلام فعاليتها وقدرتها على الإتيان بالجديد إذا لم يُطبق القانون من المجتمع الدولي على عبث هذه المليشيا المارقة، ويجب ألاّ نترك المجال لحوثي إيران أن يتغلغل في هذا البلد العربي، مهما كانت تلك الحالات من منطلقات مختلفة فهناك عصابة تمدها طهران بالأسلحة والمعدات العسكرية، فهل يعي الإنسان أنه ماض في طريق إفناء نفسه بنفسه؟ وهل أدرك العالم خطورة الاعتداءات الحوثية على إمدادات الطاقة العالمية؟
لقد تكرَّرت هذه الأسئلة طوال سنين حرب الحوثي على اليمن، لاسيما إذا تعلّق الأمر بأمن دولة كالمملكة العربية السعودية، فهؤلاء المجرمون يسلكون كل السبل لتدمير بلادهم فهم لا يعلمون بأنهم كبش فداء لمشروع استعماري، ومع تصاعد الهجمات على منشآت أرامكو والأعيان المدنية والتي امتدت إلى المضيقين باب المندب وهرمز وتهديد الملاحة الدولية، هو بلا أدنى شك يكشف سياسة إيران العدوانية فقد أصبح التحذير والترويع من مخاطر هذه الهجمات أمراً بالغ الأهمية.
حيث قال المتحدث الرسمي باسم تحالف دعم الشرعية في اليمن العميد الركن تركي المالكي، إن ميليشيات الحوثي الإرهابية صعَّدت مساء السبت وفجر الأحد من هجماتها العدائية العابرة للحدود باتجاه السعودية، لاستهداف الأعيان المدنية والمنشآت الاقتصادية بطريقة ممنهجة ومتعمدة.
وأن «قوات الدفاع الجوي الملكي السعودي والقوات الجوية الملكية السعودية اعترضت ودمرت صاروخاً بالستياً أطلق لاستهداف مدينة جازان (جنوبي المملكة)، كما دمرت وأسقطت 9 طائرات مسيّرة مفخخة أطلقت نحو جازان وخميس مشيط والطائف وينبع وظهران الجنوب».
إن هذا القول الصريح يؤكِّد أهمية اضطلاع المجتمع الدولي بمسؤوليته في المحافظة على إمدادات الطاقة ووقوفه بحزم ضد الميليشيات الحوثية الإرهابية المدعومة من إيران وردعها عن هجماتها التخريبية التي تشكّل تهديداً مباشراً لأمن الإمدادات البترولية، ولكن الرأي العام السياسي لم يحرز نتائج ملموسة في ظروف بالغة الحساسية تشهدها أسواق الطاقة العالمية، كمن يعالج داءً مزمناً بمسكنات.