د.أحمد بن عبدالعزيز الشثري
مما تتميز به الأنظمة في المملكة العربية السعودية قيامها على أساس شرعي مستمد من الكتاب والسنة، لذلك شرعت الدولة -حفظها الله - على تعزيز إجراءات الحوكمة الشرعية في أنظمتها ومعاملاتها، ومنها أنظمة الشركات والبنوك والمصارف بما يُسهم في تطوير المالية الإسلامية في المملكة لتكون عاصمة للمصرفية الإسلامية في العالم في ظل الثورة المالية العالمية، وقد صدرت تعليمات الحوكمة الشرعية، التي تهدف إلى وضع حد أدنى لممارسات الحوكمة الشرعية وتعزيز بيئة الالتزام بالأحكام والمبادئ الشرعية، والتي تقضي بالتزام المؤسسات المالية بمستشار شرعي أو لجنة شرعية لمراجعة أنظمتها وتدقيقها والتأكد من موافقة معاملاتها المالية والمصرفية للشريعة الإسلامية كما هو موجود اليوم في تعليمات الحوكمة الشرعية في شركات التمويل، والحوكمة الشرعية في البنوك والمصارف الصادرين من البنك المركزي السعودي والتي يبدأ الالتزام بها مطلع العام القادم 2023م، وكذلك مسودة تعليمات الحوكمة الشرعية في الشركات المدرجة تحت هيئة السوق المالية والتي ستصدر قريباً من هيئة سوق المال، مما يجعل الحاجة كبيرة لتأسيس مراكز ومؤسسات للاستشارات والدراسات الشرعية، تعنى بالتدقيق الشرعي، وهذا يؤكد أهمية إصدار شهادة مهنية للمستشار الشرعي، من الجهة الرسمية في الدولة، لتكون هذه الشهادة ملزمة لكل شخص مؤهل، أو جهات ترغب في فتح مراكز أو مؤسسات شرعية للمراجعة والتدقيق الشرعي، ويلاحظ عدم وجود جهة رسمية شرعية في المملكة تتبنى الترخيص للشهادة المهنية الشرعية، كما هو موجود في الشهادات المهنية الأخرى كالهندسية التي تصدر من هيئة المهندسين، والطبية التي تصدر من وزارة الصحة، والإعلامية التي تصدر من وزارة الإعلام، والمستشار القانوني والمحاماة من وزارة العدل، والمستشار التعليمي والتربوي من وزارة التعليم، وغيرها من التخصصات المهنية، لمن يرغب في مزاولة هذه المهن برخصة من وزارة التجارة، والمرجع الشرعي الرئيسي في الدولة المفترض أن تصدر عنه الشهادة المهنية الشرعية هي رئاسة البحوث العلمية والإفتاء وأمانة هيئة كبار العلماء كما صدر في ذلك الأمر الملكي ذي الرقم: 13876/ بتاريخ 2/ 9/ 1431هـ، والذي يقضي بقصر الفتوى على أعضاء هيئة كبار العلماء، ومن يتم الإذن لهم بالفتوى ممن ترى هيئة كبار العلماء فيهم القدرة على الاضطلاع بالفتوى، وهذا الفراغ من الشهادة المهنية الشرعية، أوجد بعض الأخاص غير المؤهلين شرعياً يمتهنون رخصة المستشار الشرعي أو عضوية اللجان الشرعية أو المراكز والمؤسسات التجارية التي يتم الرجوع إليهم في الفتاوى والقرارات والتدقيق الشرعي من قبل المؤسسات والشركات، وأوجد بعض الجهات غير الرسمية التي تصدر شهادات مهنية شرعية في تخصصاتها المختلفة برسوم مالية وهذه الشهادات غير معترف بها لدى وزارة التجارة في المملكة العربية السعودية، فمن الضروري والمهم جداً وجود شهادة مهنية للمستشار الشرعي تؤهله للعمل في اللجان الشرعية لدى الجهات التي تحتاج لهذه المهنة بحسب التخصص المطلوب، وكذلك تؤهل لفتح مراكز ومؤسسات رسمية تعنى بالتدقيق الشرعي والمراجعة الشرعية، وهذا هو المؤمل قريباً - بإذن الله تعالى.
** **
- أستاذ الفقه المشارك بجامعة الأمير سطام بن عبدالعزيز