محمد بن علي بن عبدالله المسلم
ذكرت في مقالي السابق بعض الخواطر التقنية وذكرت أن العالم شهد تقدم تقنية سريعة وأنه على الجميع أن يلحق بقطار التقنية (السريع جداً) وتأثير ذلك على كل مجالات الحياة بما في ذلك مجالات التجارة المحلية والدولية. وسوف أذكر في هذه المقالة بعض الخواطر (المشاكل التجارية التي تواجه رجال الأعمال الصغار والمستهلكين):
- بداية لابد من الإشارة إلى أن التجارة من أهم المهن التي مارسها الإنسان إضافة إلى الزراعة، وكانت التجارة والعمل الحرفي والزراعي جزءاً من حضارتنا وحياتنا مارسها الآباء والأجداد منذ قديم الزمان ومن ذلك رحلات الصيف والشتاء بالجزيرة العربية إلى دول مجاورة كالشام والعراق ومصر ثم امتدت إلى بلاد الهند وغيرها وأنه لا يزال هناك بقايا تلك البيوت التجارية، وتميز تجارنا بالأمانة والصدق والسمعة الحسنة وهي من أهم الصفات التي ساعدت في استمراريتهم ونمو تجارتهم. ومع التوسع في التجارة الدولية والتنمية التي شهدتها بلادنا (بحمد الله) في العهد السعودي تطورت تجارتنا وأصابها ما أصاب التجارة الدولية من تعقيدات ومشكلات حتى طورت الحكومة الأنظمة التجارية لتلائم التطورات المحلية والدولية.
ولا بد من الإشارة إلى مكانة التجارة والعمل الحر في الإسلام وهي من الأعمال التي شجع الإسلام على ممارستها في الأعمال المشروعة لكسب الرزق، ففي الحديث الشريف أن الرسول صلى الله عليه وسلم سئل أي الكسب أطيب؟ قال: «عمل الرجل بيده وكل بيع مبرور، أي الذي لا غش فيه ولا خداع ولا احتكار».
- ظاهرة الاتجار بالتأشيرات والتستر وهذا موجود بشكل واضح في البقالات والمحلات التجارية والأعمال المهنية والحرفية كالسباكة والبناء والحلاقة وغيرها من الأعمال التي لا يمكن (بل يستحيل) ممارسة المواطنين لها، لماذا لا يعمل لها نظام بالتأشيرات لبعض هذه الأعمال مقابل رسوم تستفيد منها الدولة والمواطن معاً بحيث يرخص لرجل أعمال حر (أو مهن حرة) لجلب عمالة تعمل معه شراكة مقابل رسوم خاصة، مع ملاحظة أن بعض المتسترين (وليس كلهم) إما من أصحاب الدخول الضعيفة لزيادة دخلهم أو ليس لديهم دخل.
ولذلك لا بد من وضع نظام (أنظمة لزيادة دخلهم مثل رخص تجارة حرة أو أعمال حرة مع الرقابة عليهم وضمان حقوقهم وحقوق الآخرين من العمالة والعملاء وأن يكون ذلك بالقطاعات ومهن محددة مثل الحرف الزراعية والسباكة والحلاقة والمطاعم....
إن بعض المهن والحرف تعاني من مشكلات العمالة وارتفاع تكلفتها بسبب الرسوم والقيود المفروضة على العمالة الأجنبية واستغلال المتسترين العمالة (وبالذات العمالة الموسمية) وعدم عمل المواطن في هذه الحرف كالزراعة (ما عدا التسويق فقط)، ولذلك فإن المتضرر الوحيد هو المزارع المستثمر (المواطن) وكذلك المواطن المستهلك.
إن معالجة التستر التي تقوم بها الحكومة في الوقت الحاضر لا بد من أن تأخذ في الاعتبار هذه المهن والحاجة لهذه الخدمات للمواطن والاقتصاد.
- يلاحظ ارتفاع أسعار كثير من الواردات كالسيارات والإلكترونيات والأسباب مختلفة كارتفاع الرسوم وتكاليف الشحن وغيرها حتى أصبحت أسعار شرائها من دول مجاورة أقل وبشكل كبير.
كما يعاني المستهلك من عدم تطبيق الضمان على بعض الواردات كالشاشات التلفازية إذا تعرضت للكسر مثلاً (يسمونه سوء استعمال) وعدم إصلاحها وأن تكلفة إصلاحها أكثر من قيمة شراء جهاز جديد كاملاً يقول أحدهم إنه بعد شرائه تلفازاً بثلاثة أو أربعة أشهر تعرضت الشاشة للكسر، وعند طلبه من الوكيل إصلاحه رفض بل لم يعد له الجهاز منذ نحو خمسة أشهر، وعندما قال له سأشتكي على وزارة التجارة، قال له اشتك فالشاشة ليس لها ضمان ولا يمكن تغييرها!!
- إن ارتفاع الأسعار بدون مبرر أصبح ظاهرة مزعجة والأمثلة كثيرة وأحدها إحدى شركات المصاعد رفعت تكلفة الصيانة نحو 80% بدون مبرر وقالت هذه أسعارنا!! إن وزارة التجارة مطلوب منها تفعيل رقابة استغلال المواطنين.
- يلاحظ تدني المواصفات والجودة لبعض السلع المتواجدة في أسواقنا ومزاحمتها للمنتجات الأخرى ذات الجودة العالية، سواء وطنية الصنع أو المستوردة والتي عادة تكون بأسعار أعلى وذات المنشأة من دولة آسيوية كبرى تصنع المنتجات حسب رغبة التاجر وبأسعار قليلة تصل إلى أقل من 50% من أسعار مثيلاتها من الدول الأخرى، وهي تشكل نسبة كبيرة في التجارة الدولية حالياً وأسعارها لا يمكن أن تنافسها سلع مشابهة من دول صناعية ذات جودة عالية وماركة معروفة في الأسواق وأسواقنا تعج بالسلع المستوردة الرديئة والمستهلك ضائع بين الجمارك التي تفسح والتجارة التي لا تراقب!!!
- ظاهرة كثرة الدكاكين والمعارض والمحلات التجارية بالمملكة والبقالات الصغيرة لدينا أعتقد أنها غير موجودة في دولة أخرى في العالم، فإلى متى يتم السماح ببناء المحلات التجارية على أسس غير اقتصادية، التوجه العالمي هو للمحلات التجارية والأسواق التجارية والمجمعات الكبيرة، بل إن محلات التجزئة سوف تختفي قريباً ليحل محلها البيع الإلكتروني الذي بدأ الآن بالمملكة، في السابق كانت هذه المحلات التجارية يملكها ويديرها المواطنون، أما الآن فإنها تملكها وتديرها عمالة أجنبية.
التستر من الوافدين اليمنيين والهنود والبنغاليين وإن كانت تحت أسماء سعودية.
- لماذا لا يخضع ترخيص المباني التجارية لدراسة اقتصادية حسب حجم الحي والسكان واختصار فتحها وإدارتها وملكيتها للمواطنين كل حي فيه جميع المحلات التجارية والخدمات التي يحتاجها.
- وأخيراً وليس آخراً، لا بد من الإشارة إلى حدث مهم جداً ألا وهو إقامة معرض الدفاع العالمي (الأول) مؤخراً الذي ولد ناجحاً (بحمد الله) وهو أحد مشاريع سمو ولي العهد (حفظه الله) بأن يكون أحد أكبر ثلاثة معارض دفاع بالعالم، لقد تم إقامة منشآت المعرض وعلى مساحة كبيرة جداً بوقت قياسي حسب حديث أمين اللجنة المشرفة على المعرض سلطان المالك، وكلنا يعرف أهمية المعارض تجارية وصناعية وتقنية واستثمارية فإلى الأمام يا وطننا يا فخر الإسلام والعرب..
باختصار:
- الحمد لله الذي تتم بنعمته الصالحات: لقد أكرمنا الله تعالى بفضله ثم بجهود خادم الحرمين الشريفين وسمو ولي عهده الأمين بزوال الغمة وسلامة المواطنين من وباء كورونا بنسبة أفضل من الدول المتقدمة ومن لا يشكر القيادة على ما قامت به لا يشكر الله، نسأل الله دوام التوفيق لما فيه خير الوطن والمواطن.
- أتساءل كغيري! أين جمعية حماية المستهلك؟ لا نرى لها نشاطاً واختفى وجودها بعد أن ثارت مشاكل بين أعضائها، إن دور الجمعية مهم جدا في الاقتصاد بفروعه المختلفة والمفروض أن تكون عوناً للمواطن والمسؤول أيضاً وأن تكون محل ثقة للجميع لأهمية عملها!!