نأتي هنا إلى دور الرعاية الصحية وتحسينها وفق خطة معينة تقوم على تتبع المشاكل ومواجهتها والحد من تداعيتها قدر الإمكان، بداية كانت هناك مشكلة تتعلق بكيفية سحب الدم في الوقت المناسب لاستعمال النتائج في العمليات الجراحية، فكان المريض الذي لديه عمليه جراحية يخضع أولاً للتسجيل في النظام الذي يعتبر حاجة ضرورية في العمل التحضيري للعملية ومعه وهو الأهم سحب الدم وتحليله للحصول على المعلومات الأساسية اللازمة لفريق الجراحة، كانت الممرضة الفاحصة بسحب الدم هي المسئولة، وفي بعض الأحيان تطلب من الفني المختص القيام بذلك، وعندما ترهق الممرضة أو يشوش ذهنها فإنها تؤدي ما يتيسر أو يبقى العمل معلقاً دون أن يؤديه أحد، فكان هناك تأخير في إدخال المريض غرفة العمليات، الذي يؤدي إلى تعطيل طاقم غرفة العمليات بتكلفة تصل 300 دولار في الدقيقة، وكما أن ذلك يعني تأخير الرعاية الصحية أو حتى إيقافها كلياً في حالات أخرى، خاصة لمريض صائم عن الطعام قبل الطعام، تعتريه حالة القلق المصاحبة للعمليات الجراحية، وللتخلص من هذا اتبعت الوحدة إشارات مرئية لتمييز المريض الذي لا يزال بحاجة للإجراء من المريض الذي لا يتطلبه، هذه الإشارات أو العلامات شملت لصقات على مخططات المرضى، وعلامات على أطراف الأسرّة، وكلاهما يمكن توزيعه بسهولة عند التحضيرات السابقة للعمليات الجراحية، ومن هنا اتضح المرضى الذين كانوا يحتاجون إلى سحب الدم، ولكن من المسئول.. هل هم الممرضون أم الطاقم المختص؟، تم تكليف طاقم العمل الوحيد للقيام بسحب الدم، ساهم هذا في انخفاض عدد المرضى المهيئين لدخول غرفة العمليات، ومع هذا ما زال تحضير بعض المرضى للعمليات الجراحية يتم قبل اكتمال فحوصاتهم، مما صعب استخراج النتائج على الفور، ولتوفير مزيد من الوقت للمختبر لمعالجة إجراءات أخذ العينة، وافق الممرضون على أن الدم يجب أن يسحب حالما يتم تسجيل المريض، ساهم هذا أيضاً في التخفيف من حدة المشكلة، ولكن لم يلغها نهائياً، كان هناك مشكلة أخرى وهي التوقيت الذي تنتهي فيه عملية التسجيل، فقام طاقم العمل بوضع بطاقة على اللوحة الحاملة، فإن لم تكن هناك بطاقة على اللوحة الحاملة فلا حاجة لأخذ عينات من دم المرضى، وإذا كانت هناك بطاقات على اللوحة فهذا يعني تسجيل المريض وأنه جاهز لأخذ عينة من دمه، ولحل مشكلة تراكم البطاقات في اللوحة، عملت الوحدة الطبية على تحويل مخزن صغير إلى غرفة لسحالدم، ورفعت منها العناصر المخزنة، وتم تجديدها بشكل كامل من حيث الديكور والإضاءة والكراسي الطبية المريحة، ننتقل بعدها إلى التخفيض في حالة العدوى التي تتم أثناء القساطر، والتي تستعمل في تسريع عملية تقديم الدواء، وهي قساطر وريدية تدخل في الأوردة الدموية الراجعة إلى القلب، والتي يترتب عليها تكاليف باهظة على حالات العدوى التي تنشأ عن هذا الإجراء، وفي محاولة لتقليل مخاطر تلك العدوى الناتجة عن القسطرة، قامت بعض المستشفيات بجملة من التحسينات الإجرائية الصغيرة التي أفضت مجتمعة إلى تحسينات كبيرة جداً، تضمنت ما يلي:
• تجنب استعمال القساطر الفخذية نظراً لارتفاع احتمالات العدوى.
• استعمال ملابس شفافة لتحسين رؤية الجروح من قبل طاقم الرعاية الصحية، وتقليل الحاجة إلى أسلوب الفحص اليدوي للجسم كجزء من عملية الفحص الطبي.
• الطلب إلى طاقم التمريض الاستفسار من الأطباء يومياً عن إمكانية رفع القسطرات أو وضعها في أماكن لا تكون فيها معرضة لمخاطر العدوى.
• استخدام قساطر جديدة لكل مريض جديد نظراً لجهل كيفية استعمال القسطرة الحالية في السابق.
• رفع تقرير بكل حالات العدوى إلى مدير المستشفى، والبدء بالتحقيق في كل منها فوراً.
• التأكد من التزام الطاقم المسئول بغسل اليدين.
• تحسين المعدات الواقية واستعمالها بطريقة منهجية.
• السماح للطاقم الطبي بوضع القساطر فقط بوجود مشرفين إلى حين الحصول على التدريب الرسمي.
تعد هذه من أبرز الأمور التي طبقت في مجال مكافحة العدوى التي تحدث بسبب القسطرة.
بعد ذلك نتطرق إلى مسالة الدواء، كانت هناك مشاكل معقدة مثل تعديل وقت إخراج العقاقير من الصيدلية، وتقنيات مسار التسليم في المستشفى، ووقت تسليمها للموزعين، ترتب على ذلك آثار تراكمية كبيرة، ولم تعد الصيدلية قادرة أبداً على معالجة كل طلب بمفرده وتسليمه، وهذا سببه أن الأطباء الذين يحررون الوصفات يميلون إلى عمل دفعات حين يقومون بجولاتهم داخل المستشفى، وتقنيات التسليم غير قادرة على معالجة عدد كبير من الطلبات الفردية لوجهاتها النهائية في الوقت نفسه، لكن الصيدلية تدبرت معالجة دفعات الأدوية مرة كل ساعتين بدلاً من مرة واحدة يومياً، والنتيجة انخفاض معدل نقص الأدوية في الأجنحة بمعدل 88 في المائة، ومع هذه الكفاءة المحققة في تسليم الدواء في الصيدلية كانت هناك نتائج مبهرة، فقد انخفض الوقت اللازم للبحث عن الدواء بمعدل 60 في المائة وانخفضت نفاد المخزون بمعدل 85 في المائة، ومن دون إنفاق على شراء التقنيات المساعدة، وانخفض كذلك حجم مخزون الدواء الكلي، وانخفضت تكاليف الدواء من إجراء تدني احتمالات فقد الأدوية وإتلافها أو هدرها، خاصة الحقن الوريدية التي تحفظ في برادات.
لقد أدت هذه التحسينات إلى زيادة في نوعية الخدمات الصحية، وانخفاض تكاليفها على مستوى العالم، وكان هناك خطوة مهمة اتخذتها إدارة المستشفى بعدما تحققت بعض النتائج المبهرة، إنشاء مكاتب (تحسين مستمر) في المستشفى، يتقبل العمل الفردي والجماعي لبلوغ أعلى معايير الرعاية الصحية.
أتمنى أن أرى هذا في جميع مستشفياتنا الحكومية والأهلية، كما هو في أرقى المستشفيات بالعالم، وأن يصاحبه رفع مستوى الخدمات الصحية لدينا.
** **
@abdllh_800