د.مسفر بن يحي القحطاني
تتعدد الخلافات والمشكلات بين الزوجين، الأمر الذي يؤدي إلى اضطراب العلاقة بينهما والذي قد يصل إلى حد الانفصال حين يفقد كلاهما أو أحدهما الاستقرار والأمن النفسي بالدرجة لا يمكن معها دوام العشرة.
ولعل من أبرز تلك الأسباب وأكثرها شيوعاً التي قد تعود للزوج أو الزوجة أو كلاهما؛ الآتي:
1- الشك وهو شعور يعكس عدم الثقة بالطرف الآخر لبوادر وإرهاصات تنم عن عدم ارتياح كل منهما إلى الآخر في مواقف حقيقية يتم تفسيرها على نحو سلبي ليس لها دلائل واقعية للوقوع في دائرة سوء الظن والاتهام بالخيانة فتصبح حياتهما جحيماً لا يطاق وتدب الخلافات بينهما كلما تكررت تلك المواقف التي تثير الريبة.
2- إهمال الحقوق والواجبات بين الزوجين: فكلا الزوجين لهما حقوق وواجبات اتجاه كلٍ منهما للآخر فالزوجة لها حق المعاشرة بالمعروف، والنفقة عليها، عدم حرمانها من حقها في التملك والتصرف في مالها وحفظ سرها وعدم منعها من زيارتها لأهلها. وفي المقابل للزوج حق طاعته - إلا فيما يعصي الله - وحفظه في نفسه وماله في غيابه وحضوره. وحين يقصر أحدهما في حق الآخر يتولد شعور بعدم الرضا والاستياء وحين يتم الإفصاح عن هذه المشاعر السلبية يتبادل الزوجان الاتهامات ويلوح أحدهما بترك المنزل وقد يفعله.
3- تدخل الأهل بين الزوجين: تتعدد أسباب تدخل الأهل (أهل الزوج أو الزوجة) ففي الغالب يكون التدخل بدافع الحرص فيكون ضررا من حيث أرادوا النفع لذلك يلجأ الزوج أو الزوجة لهم عند وقوع أدنى مشكلة والتي كان بالإمكان حلها بقدر من الروية والتعقل بعيداً عن الاعتمادية التي نشأت من ضعف الإرادة والميل للاعتمادية المطلقة الأمر الذي يفقد الحياة الزوجية خصوصيتها وربما الاستسلام الكامل للأهل يؤدي إلى فشل الحياة الزوجية وتعثرها في كل مرة يكون فيها محاولات للإصلاح.
4- نمطية الحياة: النمط المعيشي الواحد والمستمر دون أن يكون هناك تجديد يدرك كلا الزوجين أهميته ويشتركان معاً في التخلص منه هو مدعاة لسيطرة الملل ولنشوء الخلاف بينهما؛ فحين يتخذ كل من الزوجين حلاً أو حلولاً منفردة كخروج الزوجة المستمر من البيت وحضور المناسبات هروباً وانسحاباً أو يكون هذا التصرف من جانب الزوج الذي يقضي الساعات الطوال خارج المنزل وحتى وقت متأخر من الليل.
5- الوضع المالي للزوجين: قد يجد الزوج صعوبة في تأمين طلبات الأسرة من الأساسيات أو أحيانا الكماليات وقد يكون الزوج تحت تأثير تراكم ديون مالية لا يقوى على سدادها في وقت تطالبه الزوج بتأمين ما ينقصهم أو ما تطمح له من الوصول إلى وضع يمكنهم من مسايرة الآخرين.
كما أن هناك أسباباً أخرى متعددة ولعل ما ذُكر هو أبرزها وأكثرها شيوعاً. حيث هناك خلافات بسبب عدم التوافق الجنسي بكافة أشكاله المختلفة ومن ذلك عدم احترام الرغبة الجنسية. كذلك الغيرة، والاختلاف على الرغبة في الإنجاب وفي طريقة تربية الأبناء (كالتذبذب في المعاملة).
ولعلاج الخلافات الزوجية على الزوجين أن يدرك كلاهما حقيقة أن اختلاف الطبع وتقلب المزاج أمران طبيعيان فلكل منهما شخصيته المستقلة وبالتالي فالاختلاف في الطبع تحديداً يفضي إلى الاختلاف في رؤية الأمور وتقدير أهميتها وهنا يقدر كل طرف وجهة نظر الآخر. وهذا يقودنا إلى ما يجب أن يكون عليه حوارهما حول أي أمر هو محل خلاف بينهما؛ إذ يجب أن يكون هذا الحوار في جو من الود والتسامح وبعيداً عن الاستعلاء والسخرية واللجوء إلى لغة الاستفزاز كالتلويح بالانفصال مثلاً. ومقاطعة الحديث حتى يكون حوارهما إيجابيا وفرصة للوصول لنقطة تلاق تحل الخلاف وتعيد الحياة إلى وضعها الطبيعي.
وفي الابتعاد عن الشكوك التي لا تقوم على دليل قاطع ما يريح النفس من الاستغراق في مراقبة الطرف الآخر وتفسير كل حدث على أنه دليل خيانة، يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إياكم والظن فإن الظن أكذب الحديث ولا تحسسوا ولا تجسسوا) متفق عليه. كما أن التغاضي عن الزلات والهفوات ما يشعر طرفي العلاقة الزوجية بالحرص على عدم إثارة المشكلات وما يعكر صفو الحياة ذلك أن النفس البشرية تنفر من التدقيق الزائد وتقاومه. والتنازل عن بعض الحقوق وقت الشجار هو في حد ذاته فن كما يصفه معظم العقلاء ففيه كسب لقلب الآخر وبالتالي تقبل وجهة نظر الآخر.
وحين يكون موضوع الخلاف بين الزوجين له علاقة مباشرة بضعف دخل الأسرة مقابل تأمين حاجاته الأساسية أو حتى الكمالية منها. فإن الرضا بما قسم الله يحقق الرضا ويعين على تكيف الزوجين مع واقع الحال ومع ظروف الحياة وضغوطاتها.. وليس هناك ما يمنع من الاجتهاد في تحسين دخل الأسرة بالطرق المشروعة بحيث يتعاون الزوجان في تحقق هذا الهدف.