«يَا أَيّتُهَا النّفْسُ الْمُطْمَئِنّةُ ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَرْضِيّةً فَادْخُلِي فِي عِبَادِي وَادْخُلِي جَنَّتِي»، بقلوب مؤمنة مطمئنة راضية بقضاء الله وقدره انتقل إلى - رحمته تعالى- الأستاذ القدير عبدالعزيز بن محمد بن عبدالرحمن بن سليمان بن محمد بن مؤمنة، مؤسس صحيفة الأسبوع التجاري السعودية، وذلك فجر يوم الخميس تاريخ 30 رجب، 1443هـ الموافق 3 مارس، 2022م عن عمر يناهز (90) عاماً.
والجدير بالذكر أن الأستاذ عبدالعزيز بن مؤمنة - رحمه الله - أحد رجال الرعيل الأول للصحافة السعودية، وأحد رواد الصحافة السعودية في عصرها الذهبي بعهد الملك سعود بن عبدالعزيز؛ حيث أصدر صحيفة الأسبوع التجاري بمدينة جدة عام 1381هـ/ 1961م، وتعد أول إصدار صحفي اقتصادي بالمملكة العربية السعودية والعالم العربي، وتوقفت بعد ثلاثة أعوام من صدورها عند صدور نظام المؤسسات الصحفية عام 1383هـ/ 1963م.
ويجدر بنا تقديم نبذة تعريفية عن الراحل - رحمه الله -: فقد ولد في مكة المكرمة عام 1351هـ/ 1932م. وحصل على شهادته الابتدائية والثانوية من مدرسة تحضير البعثات بمكة المكرمة. وحصل على شهادة البكالوريوس في الاقتصاد من جامعة القاهرة، ثم درجة الماجستير في الاقتصاد من جامعة جورج تاون بواشنطن في الولايات المتحدة الأمريكية.
وقد كان لدراساته العليا وتخصصه في الاقتصاد دور في إصداره لصحيفة (الأسبوع التجاري)، وهي الصحيفة المتخصصة بالاقتصاد في عهد صحافة الأفراد.
وللفقيد عدة أعمال على الصعيدين الصحفي والثقافي؛ فمن أعماله الصحفية:
إصدار صحيفة الأسبوع التجاري -كما أسلفنا-، بالإضافة إلى إصداره نشرة عربية متخصصة بالبترول، باسم (رسالة البترول العربي) في بيروت عام 1388هـ/ 1968م، وتوقفت بعد قيام الحرب الأهلية في لبنان، كما أسس مجلة الخطوط السعودية المعروفة باسم: (أهلاً وسهلاً)، قبل 47 عاماً وتحديداً في عام 1396هـ/1976م، والتي ما زالت تصدر حتى الآن. كما رأس المرحوم بإذن الله تحرير مجلة قافلة الزيت الصادرة عن شركة أرامكو السعودية، وأصبح مديراً لإدارة النشر في الشركة، بعد ذلك تفرغ للكتابة اليومية في صحيفة عكاظ، وكانت يكتب مقالاته الاقتصادية في زاوية خاصة بالصحيفة بعنوان: «مع الأحداث».
أما أعماله على الصعيد الثقافي فلقد أصدر - رحمه الله - كتاب (البترول المستقبل العربي)، وذلك عام 1396هـ/ 1976م، وطبع طبعته الأولى في بيروت، وتوالت طبعاته، ونشر في العديد من الدول العربية، ودُرسّ كتابه في بعض الجامعات العربية لأهميته الموضوعية.
وبعد استعراض أبرز أعمال الراحل في تاريخ الصحافة السعودية، سأورد بعض المعلومات المهمة التي حصلت عليها عن طريق ابنه الكريم الأستاذ سامي بن عبدالعزيز مؤمنة، أثناء جمعي لبعض المعلومات لتوثيقها في رسالتي للماجستير؛ حيث يقول: «تصدى والدي في أيام الملك سعود للمناوشات الصحفية التي شنها محمد حسنين هيكل في ذروة الخلاف مع جمال عبدالناصر، وكان الوالد بقلمه يتصدى له ولا سيما في قضية محاولة اغتيال الرئيس جمال عبد الناصر آنذاك».
وعندما سألته عن أعداد صحيفة الأسبوع التجاري أجاب: «لا توجد لدى الوالد أعداد الأسبوع التجاري لأن قبل سفره إلى لبنان أودعها لدى جريدة المدينة وسلمها للسيد محمد علي حافظ، وقبل 12 سنة سأل الوالد؟! السيد محمد حافظ إلا أنه، قال: لا يدري أي شيء عنها بالرغم ما فيها من ثروة معلوماتية عن تلك الحقبة، وكانت أكثر الصحف مبيعاً في منطقة الحجاز».
وفي الختام سأستشهد بمقولة قالها: الراحل عبدالعزيز بن مؤمنة في افتتاحية العدد الأخير من صحيفة الأسبوع التجاري، ع (67) ليوم السبت 16/ 10/ 1383هـ التي أُغلقت مع صدور صحافة المؤسسات الصحفية، بعنوان (لست مودعاً) قال فيه: «.... لو حدث ما أكره. ويكره القارئ. فإن قلمي سيظل كقلبي، يؤدي دوره وتجديد الحياة للعقل.. أنا لست عبداً لصحيفة واحدة انتهي معها يوم تغتالها يد القدر.. أنا لست أحيا بامتياز صحيفة، وإنما يحيا الامتياز، وتبقى الصحيفة بي أنا.. أنا لست (العدم) أنا (الوجود) أنا أحيا اليوم.. وغداً لن أموت!!» عبدالعزيز مؤمنة.
لن تموت يا رجل الصحافة الاقتصادية الأول في المملكة العربية السعودية؛ سيظل اسمك مدوناً في ذاكرة المؤرخين السعوديين، والاعلاميين الصحفيين، نسأل الله العظيم أن يتغمدك بواسع فضله ورحمته، وجزاك الله عنا خير الجزاء، ويجعل أجر ما قدمته للبلاد والعباد من علم نافع، وثقافة مستمرة أضعافا مضاعفة تصلك في قبرك.
وفي الختام، أتقدم بأحر التعازي، وصادق المواساة إلى أسرة الفقيد عبدالعزيز مؤمنة، وأخص بالتعزية ابنه الأستاذ سامي بن عبدالعزيز بن مؤمنة، سائلة الله عز وجل أن يتغمد المرحوم بواسع رحمته، ويسكنه فسيح جناته، وأن يلهم أهله وذويه الصبر والسلوان، ولعل هذه المقالة مساهمة يسيرة في إيضاح مكانة الراحل، وأهميته في تاريخ الصحافة السعودية.
** **
- نوال بنت إبراهيم القحطاني