عبده الأسمري
وسط تعقيدات الأوردة وبين تمددات «الشرايين».. عالج «عطب « القلوب.. ونال «حظوظ» الدعوات وكتب «مواعيد» الشفاء ووصف «جرعات» الدواء وشخص «عوارض» الداء.. كاتباً جملته الاسمية من مبتدأ «الإجادة» وخبر «الكفاءة»..
قضى عمره في ترويض «العارض» داخل الأجساد وتعويض «الألم» بين الأعضاء مانحاً للمرضى «سر» الصبر ومهدياً للمتألمين «جهر» العبر.. محولاً «أنين» الوجع إلى يقين « النفع» مؤصلاً في أعماق «الموجوعين» روح «المصابرة» وراسماً في آفاق «المتعبين» بوح «المثابرة» وتاركاً في غرف «العمليات» صدى «التمكن» ومخلفاً في أقسام «الجراحة» مدى «التمكين» فكان «صانع» الأمل على أرضية «المرض» وصائغ الفضل في «أسبقية» التعافي وناصع «البذل» في أحقية التشافي..
إنه الجراح الكبير البروفيسور حسان رفه أحد أبرز جراحي القلب في السعودية والعالم.
بوجه حجازي مسكون بالهدوء ومفتون بالاتزان مملوء بالنباغة ومكتظ بالنباهة وعينين واسعتين تسطعان بالذكاء وتشعان بالدهاء وملامح تشبه والده وتتشابه مع أخواله وأناقة تعتمر «البياض» الذي يشبه قلبه ولباقة تتوشح «الصفاء « الذي يعكس داخله وصوت جهوري ممتلئ بعبارات «الطب» واعتبارات «العلاج» مشفوعة بسمو «المعاني» ورقي «التفاني» قضى رفه من عمره عقوداً وهو يرفرف بأعماله في سماء «الأستاذية» ويحترف بمهامه في أرجاء «الاحترافية» طبيباً وجراحاً وأكاديمياً وقيادياً رسم مشاهد «النجاة» في ردهات المستشفيات وكتب «شواهد» الحياة في وصفات المراجعات.
في مكة المكرمة ولد في «نهار» ملأ «الفرح» فيه أرجاء المكان وغمر السرور وسطه أصداء «الزمان» لتدوي الأهازيج المكية في منزل أسرته المشبع بالتآلف والمكتظ بالألفة.
نشأ رفه مدفوعاً برعاية الأب ومشفوعاً بعناية الأم وجال مع أقرانه بين أحياء الحجون والشبيكة والشامية مجللاً بروحانية الأماكن مكللاً بطمأنينة المواسم مقتنصاً «الرضا» من وجوه البسطاء راصداً «الابتهاج» في نهارات الأوفياء مولياً قبلة «نهاراته شطر البيت العتيق» الذي تعلم في صحنه «الطاهر» معاني الإحسان موجهاً بوصلة أمنياته نحو «التفوق الوثيق» الذي انتهل من مقامه الباهر عطايا النجاح..
انجذب رفه صغيرًا إلى البياض في محافل الحجاج والمعتمرين وهم يؤدون «النسك» في المشاعر المقدسة فارتسمت في قلبه مسلمات «الصلاح» واعتلت في ذهنه مكونات «الفلاح» فظل طفلاً يشغف آذانه بصدى «الحسنى» في مكبرات المسجد الحرام ونال من طفولته «نصيباً» مفروضاً من السكينة التي تشكلت لتكون فصلاً ثابتاً من فصول تعاملاته وأصلاً مثبتاً في أصول معاملاته وظل يجسد أمام عائلته «الشهيرة» بالمعارف في اجتماعات المساء بروفات «الأمنيات» بنبوءات الحصافة في امتهان الجراحة التي كانت «دوافع» أولى لدى ذويه بأهمية استثماره كمشروع بشري يزف من الحجاز إلى جامعات العالم بضمانات «النباغة» ومضامين «البلاغة»..
درس رفه المرحلة الابتدائية في مدارس الرحمانية العريقة واكتشف معلموه مبكراً «الحس» المعرفي والإحساس «الإبداعي» في عقليته الصغيرة مما جعله حديث «المدرسة» وحدث «المرحلة حتى بات» وجهاً «حاضرًا» في خطابات «الثناء» وإجابات «الاستثناء».
حظي رفه بحظوة عائلية صنعت في داخله مقومات «الدوافع» ورسمت في طريقه مقامات «المنافع» فاستمر يحشد «أحلامه» الصغيرة في كشكوله «المفتوح» الذي كتب فيه ألقاب «الغد» التي خطفها من عقر دار «الغرب» بسطوة «البزوغ» وحظوة «النبوغ».
أنهى المرحلة الثانوية من مدارس الثغر بجدة عام 1962 ودرس اللغة الألمانية في معهد جوته بألمانيا ثم ابتعث إلى سويسرا لدراسة الطب والجراحة عام 1963م كأول طالب سعودي يدرس الطب في سويسرا وحصل على بكالوريوس الطب والجراحة من جامعة بازل وأيضاً بكالوريوس الطب والجراحة من اتحاد الطب السويسري في بيرن عام 1970م. ونال ماجستير في الدراسات العليا في طب المناطق الحارة وحصد درجة الدكتوراه في علم الأمراض من جامعة بازل والليسانس من كلية الأطباء الملكية بلندن واختير عضواً في كلية الجراحين الملكية بلندن ونال زمالة كلية الجراحين الملكية في جلاسكو ببريطانيا وزمالة كلية أطباء القلب الأمريكية والدكتوراه الفخرية في العلوم من جامعة «موريشيوس» والزمالة الفخرية من كلية جراحة الصدر الهندية..
عمل رفه أخصائياً في جراحة القلب بالمستشفى العسكري بالرياض لمدة عام ونصف العام ثم دُعي للبدء ببرنامج القلب المفتوح في مستشفى الملك فهد وأجرى فيه عشرات العمليات الناجحة وعُين أستاذًا لجراحة القلب في كلية الطب بجامعة الملك عبد العزيز في جدة لمدة 25 عامًا. وترأس مركز الملك فهد لأمراض وجراحة القلب لمدة 23 عامًا وعُين أميناً عاماً ومستشارًا طبيًا وفنيًا لجمعية أصدقاء القلب الخيرية لمدة 21 عامًا وترأس تحرير مجلة القلب السعودية لمدة عشر سنوات.
وعمل استشاري جراحة القلب المفتوح والمقفول في كل من مستشفيات باقدو والدكتور عرفان والدكتور سليمان فقيه.
سيرة مهنية وعملية قضاها رفه في معترك «العمل» الطبي و»الفضل» الجراحي في ميادين الطب والمبادرات والأولويات حيث بدأ عام 1984 ببرنامج القلب المفتوح في جزيرة موريشيوس في المحيط الهندي حيث أجرى 266 جراحة قلب ناجحة وفي عام 1986 بدأ ببرنامج عمليات القلب المفتوح لأول مرة في اليمن حيث أجرى 300 جراحة قلب مفتوح وفي عام 1989 بدأ ببرنامج عمليات القلب المفتوح بدعوة من جامعة الإسكندرية وتم إجراء أربع وعشرين جراحة قلب مفتوح على يد فريق طبي سعودي مصري. وقام بإجراء العديد من عمليات القلب المفتوح الخيرية بمعهد القلب في دكا في بنجلاديش عام 1989. وبدأ ببرنامج زراعة القلب المزدوج لأول مرة على مستوى القارة الآسيوية في عام 1992.
وفي عام 1993 بدأ ببرنامج زراعة الرئة لأول مرة في الشرق الأوسط. ثم أسس برنامج عمليات القلب المفتوح لأول مرة في مستشفى النور بمكة المكرمة عام 1993 وفي عام 1995 بدأ ببرنامج عمليات إعادة تروية عضلات القلب بطاقة الليزر في الشرق الأوسط. وبدأ ببرنامج القلب الصناعي عام 1996. وفي عام 1997 بدأ ببرنامج عمليات تقوية عضلات القلب لمرضى الفشل القلبي وذلك لأول مرة بنجاح كامل في الشرق الأوسط.
وفي العام ذاته بدأ ببرنامج عمليات تقوية عضلة القلب بتغليف الشريان الأبهر بإشراف منظمة الأدوية والأغذية الأمريكية وحصل على شهادة بإجراء الجراحة لأول مرة في العالم. دعي رفه للبدء ببرنامج عمليات إعادة تروية عضلات القلب بطاقة الليزر في كل من جامعات نيودلهي بالهند وزيورخ بسويسرا وجامعتي مدارس الهند وبرلين في ألمانيا وقام بتدريب فريق من كوريا وسنغافورة في مركز الملك فهد للقلب بجدة على إجراء عمليات الليزر للقلب. ونشر عشرات البحوث العلمية وأجرى آلاف الجراحات في مجال جراحة القلب وقد تمت ترقيته من أستاذ مساعد إلى أستاذ مشارك في عام 1990 وإلى أستاذ في جراحة القلب عام 1994 وأصبح أول طبيب سعودي يحصل على درجة الأستاذية في السعودية.
يجيد رفه التحدث باللغات الإنجليزية والألمانية والفرنسية والإيطالية.
تقاعد حسان رفه وظل صدى «إنجازاته» دوياً يتردد في أفق الأولوية.. خرج من بوابة «العمل» الحكومي.. مرسخًا الوفاء في دلائل الإنجاز وموثقاً الشفاء في «براهين» الامتياز..
ترجل حسان رفه جراح «القلوب» الموهوب من صهوة المسؤولية بعد أن أسس أركان «العصامية» على مساحات «المهنية» قاطفاً «ثمار» الأولوية من ساحات «الحرفية» ليكون إحدى «القامات» البارزة المنعكسة في «أمجاد» الماضي والموجهة إلى «مطالب» الحاضر والمضيئة نحو «أبعاد» المستقبل.