د.عبدالحفيظ عبدالرحيم محبوب
على خلاف نموذج اقتصاد الكربون الخطي الذي يعتمد على استخدام الموارد ثم التخلص منها، يشجع اقتصاد تدوير الكربون على تبني نموذج تدويري يركز على الحد من انبعاثات غاز ثاني أكسيد الكربون، وإعادة استخدامها وتدويرها وإزالتها من البيئة، وتدوير الكربون ركيزة أساسية تساعد في إعادة التوازن لدورة الكربون في العالم، دفعت السعودية لإقراره دوليا من خلال منظومة مجموعة العشرين التي استضافتها السعودية وقادتها في عام 2020.
من خلال هذا المفهوم تتجه السعودية نحو آفاق جديدة في التحول في الصناعة الإقليمية، حيث تعد السعودية أن إزالة الكربون في قطاع الكيماويات الخليجي هو أمر غاية في الأهمية مقارنة بالقطاعات الصناعية الأخرى، باعتبار أن صناعة البتروكيماويات في حد ذاتها ممكن أساسي لإزالة الكربون لشركات النفط الوطنية، خصوصا أن شركات الكيماويات الخليجية هي مستخدمة للتقنيات، وهي تستعد لمرحلة تضاؤل ميزة الموارد التي تتمتع بها حاليا ومستقبلا، مما يؤدي إلى اتساع الفجوة بين مطوري التقنيات ومستخدميها، وهو ما يجعلها تتجه نحو توفير مستدام للمواهب المتميزة محليا، تأتي ضمن أهداف بعثات خادم الحرمين الشريفين التي تأتي ضمن هذا السياق، من أجل تحقيق المرونة، وسرعة التعافي، والاستعداد لمواجهة التحديات المستقبلية.
لذلك تسعى دول الخليج في مشروع التحول من الوسائل التقليدية إلى استخدام التقنيات التي تحد من الانبعاث واستخراج موارد جديدة من الهيدروجين، وكانت سابك أكبر شركة بتروكيماوية في منطقة الخليج كشفت عن خارطة طريق الحياد الكربوني الخاصة بها في 2021 التي تتماشى مع أهداف اتفاقية باريس للحد من التسخين الحراري، ووضعت شركة سابك استراتيجية لإزالة الكربون من عملياتها بحلول عام 2050 وفق خمسة مسارات، وهي الموثوقية وكفاءة الطاقة، والتحسينات، والطاقة المتجددة، والتحول للتشغيل بالكهرباء، وجمع الكربون، والهيدروجين الأخضر والأزرق.
كذلك تؤمن أرامكو أن الاقتصاد القائم على تدوير الكربون هو إطار فاعل لتشجيع خفض مستوى الانبعاث على مستوى العالم، ودعم جهود التنمية المستدامة والنمو الاقتصادي، وقد أطلقت الشركة عددا من المبادرات الرامية إلى وضع إطار للاقتصاد القائم على تدوير الكربون.
يتبنى هذا المفهوم أهم العناصر التي تقوم عليها نماذج الاقتصاد الدائري بغية الحد من الانبعاثات الكربونية، وتعزيز كفاءة استهلاك الوقود، والحفاظ على المياه، وتصنيع مواد الجيل التالي التي تجعل المنتجات الاستهلاكية أكثر محافظة على البيئة.
لذلك تحرص الشركة على تطوير عدد من التقنيات التي تحتجز ثاني أكسيد الكربون وتخزينه في التكوينات الجيولوجية، وتركز الشركة في استخدام الثورة الصناعية الرابعة، مثل الذكاء الاصطناعي والبيانات الضخمة، للحد من الانبعاثات من خلال مراقبة استهلاك الطاقة في الشركة، والوصول إلى المستوى الأمثل للاستهلاك، وتحسين معالجة البيانات السيزمية وتحليلها، وتطوير طرق استخلاص النفط الخام، وتعزيز الطاقة الإنتاجية لآبار النفط، رغم أن الشركة تصنف ضمن الانبعاثات الكربونية الأقل كثافة في قطاع الطاقة.
تعد شركة أرامكو من تحويل الانبعاثات إلى قيمة، عبر تجميع مخلفات ثاني أكسيد الكربون ومزجها مع اللقيم الهيدروكربوني، لتطوير بوليولات عالية الأداء في التطبيقات اليومية، تسمى (كونفيرج R تقنية بوليول ثورية)، حيث من خلال خط إنتاج بوليولات كربونات البولي بربيلين باستخدام تقنية كونفيرج R من إعادة تدوير ثاني أكسيد الكربون وتحويله إلى مواد نظيفة ومرتفعة القيمة وعالية التحمل تتميز بتكلفتها الاقتصادية وانخفاض انبعاثاتها الكربونية، وهي تستخدم في القطاعين الاستهلاكي والصناعي مثل المواد اللاصقة، ومواد العزل، ومواد تغليف الأغذية، وموانع التسرب، والمطاط الصناعي، بل من الممكن تخزين ثاني أكسيد الكربون لفترات طويلة، مما يسهم في التخلص من الغازات المسببة للاحتباس الحراري من البيئة.
بل توصلت أرامكو إلى استخدام ثاني أكسيد الكربون في حقن مكامن الآبار القديمة وأهمها حقل الغوار وهو أكبر حقل نفطي بري تقليدي في العالم لزيادة الطاقة الإنتاجية، وفي نفس الوقت القيام بعزل ثاني أكسيد الكربون، مما يبرهن على دور أرامكو الرائد في مواجهة التحديات المناخية.