إبراهيم بن سعد الماجد
بعد غيبة ما يقارب عقدين من الزمن، زرت منطقة الجوف، تلك المنطقة المعروفة بخصوبة أرضها، وعذوبة مائها، وكرم أهلها.
منطقة الجوف، من أقدم مناطق الاستيطان البشري، يدل على ذلك الشواهد الآثارية والمخطوطات القديمة، وإن كان الباحثون يرون أنه في فترة ما كان هناك غياب لبعض المعلومات، التي يؤكد تسلسل الأحداث سقوطها من سجل المنطقة التاريخي.
الشيء المثير للتعجب أنه على الرغم من تاريخ المنطقة الموغل في القدم، إلا أنها لم تأخذ حظها من التوثيق!
الأمير الراحل عبدالرحمن بن أحمد السديري - رحمه الله- الذي تولى إمارة المنطقة خلال الفترة 1943 - 1990 م التفت لهذا الأمر فألف كتابه الذي يُعد مرجعًا مهماً للمنطقة والذي عنوانه (الجوف وادي النفاخ) والنفاخ تكنية عرف بها أهل المنطقة لكرمهم، وإقادهم للنار، رمز الكرم والترحيب بالضيوف.
هذه المنطقة العزيزة من وطننا الغالي، تحتضن قبائل وأسر لها تاريخها المشرف مع دولتهم، ومع موحد هذه البلاد الملك عبدالعزيز - رحمه الله - ومواقفهم معروفة ومشهودة، ليس موضوع هذا المقال مناسبًا لاستعراضها.
زيارتي للمنطقة على الرغم من قصرها وضغط جدول عملي، إلا أنني حاولت أن اقرأ المشهد العام، لعلي أسهم برأي أو أذكر ملاحظة، تُسهم في نهضة المنطقة.
المنطقة كما ذكرت خصبة الأرض، عذبة المياه، وليس بالجديد الإشارة لما اشتهرت به من زراعة الزيتون، حيث تعد من أكبر مزارع الزيتون في العالم، وكذلك من أجوده. لكن ومن -وجهة نظري - وإن كان بعض من قابلتهم يعترضون على ما سأذكر، أن هذه الميزة غير المتكررة في أي من مناطق بلادنا، لم تأخذ حقها الكافي إعلاميًا، وأعني بذلك أن يكون لشجرة الزيتون الذي أقسم الله بثمرها، أكبر الحظ والنصيب من تحويلها إلى رمز وطني اقتصادي مؤثر في هذه المنطقة، وألا نكرر خطأنا مع النخيل، حيث حصرنا استثماره في جني ثمره، ليس إلا! والزيتون شبيه إلى حد ما مع النخل، من حيث تعدد صناعاته المباشرة والتحويلية. لذا قلت ما قلت، عن أن هذا المصدر الاقتصادي المهم لم يأخذ نصيبه من العناية وكذا التسويق الإعلامي.
في الجوف جامعة لها حضور مشرف علميًا واجتماعياً، وما زالت تسعى لأن يكون لها قدم السبق في كل ما من شأنها النهوض بالمنطقة، لذا فإنني أعولُ كثيرًا على جامعة الجوف، في أن تكون الجهة العلمية وكذا الإعلامية التي تخدم هذا المنتج الزراعي المهم، وما ذلك على الجامعة بعزيز.
زرت الجامعة، وزرت بعض المعالم، ومن أجمل المزارات - بحيرة دومة الجندل- تلك البحيرة التي لا أعتقد يوجد شبيه لها في الجزيرة العربية، لكنها للأسف لم تلق العناية الكافية لأن تكون مزارًا يقصده السائح السعودي والخليجي، وفي اعتقادي أن هذه البحيرة تعد وجهة استثمارية لم تستغل بعد، وجدير بالغرفة التجارية والجهات الاستثمارية الالتفات لهذه البحيرة وطرحها للاستثمار، الذي اعتقد بأنه سيكون استثمارًا ناجحًا، إذا سوق بالشكل الصحيح.
بلادنا بحمد الله، لكل منطقة ميزة تتميز بها، مما يجعل من فرص الجذب الاستثماري متنوعاً ومتعدداً، ومن أجل أكبر نهضة وأكثر أثراً، فمن المهم ألا تكون الرسوم وكذا الضريبة متساوية، فالمناطق الأقل كثافة سكانية، والنائية عن وسط الوطن، أعتقد من الأهمية بمكان تشجيع الاستثمار فيها بتقليص الرسوم، وكذلك الضريبة تكون بحدها الأدنى، ففي اعتقادي هذا سيكون عامل جذب ومشجعاً.