د.شريف بن محمد الأتربي
في صبيحة يوم السبت الموافق الخامس من شهر مارس عام 2022، أعلنت المملكة العربية السعودية رفع الإجراءات الاحترازية والوقائية المتعلقة بمكافحة جائحة كورونا، حيث تم إيقاف تطبيق إجراءات التباعد في المسجد الحرام والمسجد النبوي الشريف والجوامع والمساجد، مع الاستمرار بالإلزام بلبس الكمامة فيها.
كما تضمنت القرارات إيقاف تطبيق إجراءات التباعد في جميع الأماكن (المغلقة والمفتوحة) والأنشطة والفعاليات، وعدم اشتراط لبس الكمامة في الأماكن المفتوحة مع الاستمرار بالإلزام بلبسها في الأماكن المغلقة.
كما تقرر عدم اشتراط تقديم نتيجة سلبية لفحص (PCR) معتمد، أو لفحص معتمد للمستضدات لفيروس كورونا (Rapid Antigen Test) قبل القدوم إلى المملكة. واشتملت القرارات الخاصة باشتراطات القدوم إلى المملكة بتأشيرات الزيارة بأنواعها وجود تأمين لتغطية تكاليف العلاج من الإصابة بفيروس كورونا (كوفيد-19) خلال فترة البقاء في المملكة، كما تقرر إلغاء تطبيق الحجر الصحي المؤسسي والحجر المنزلي لغرض مكافحة الجائحة على القادمين إلى المملكة.
وحتى الوصول لهذه النتائج مرت رحلة فيروس كورونا في المملكة بعدة مراحل، بدأت باتخاذ الإجراءات الاحترازية للقادمين من الخارج، ومن ثم تعليق مظاهر الحياة والعمل كافة، وانتهاء بالوضع الحالي بالعودة إلى الحياة على طبيعتها كما كانت قبل الجائحة.
بدأت هذه الرحلة في أوائل شهر ديسمبر 2019 حينما أُعلن عن تفشي فيروس كورونا كوفيد19 في مدينة «ووهان» الصينية، وفي نهاية يناير 2020 أعلنت منظمة الصحة العالمية أن تفشي الفيروس يشكل حالة طوارئ صحية عامة تبعث على القلق الدولي، وفي الحادي عشر من مارس بذات العام أعلن تحول تفشي الفيروس وتحوله إلى جائحة.
وخلال هذه الفترة كانت جميع الأجهزة المعنية في المملكة العربية السعودية على أهبة الاستعداد والترقب حتى كان تاريخ الاثنين الثاني من مارس عام 2020م حيث أعلنت وزارة الصحة عن ظهور نتائج مخبرية تؤكد تسجيل أول حالة إصابة بفيروس كورونا الجديد Covid-19 لمواطن قادم من إيران عبر مملكة البحرين.
ومع ارتفاع حالات تفشي الفيروس لجأت العديد من الدول إلى إيقاف جميع مظاهر الحياة فيها ومنع التجوال إلا خلال فترات زمنية محددة وذلك حرصاً على حياة المواطنين والمقيمين فيها، وكانت المملكة العربية السعودية من أولى الدول التي سارعت إلى هذا النهج.
وحتى يتحقق الهدف من حظر التجوال، كان لا بد من وجود قرارات رادعة بحق المخالفين، حيث صدر الأمر الملكي الكريم بتاريخ الرابع من مارس عام 2022 الذي يأتي انطلاقاً من الحرص على صحة المواطنين والمقيمين وسلامتهم، والحيلولة دون تفشي فيروس كورونا المستجد، وتحقيقًا لالتزام الجميع بتنفيذ الإجراءات الاحترازية والتدابير الوقائية المتخذة لمواجهة تلك الجائحة.
وأعلنت وزارة الداخلية لعموم المواطنين والمقيمين كافة الأحكام والعقوبات المقررة بحق المخالفين، والتي شملت عدة بنود منها:
- يعاقب كل من الأشخاص ذوي الصفة الطبيعية أو منشآت القطاع الخاص أو العاملين فيها أو المتعاملين معها، ممن يخالفون الإجراءات الاحترازية والتدابير الوقائية المتخذة من قبل الجهات المعنية لمواجهة جائحة كورونا، وذلك بغرامة لا تقل عن (1.000) ألف ريال ولا تزيد على (100.000) مئة ألف ريال، أو السجن لمدة لا تقل عن شهر ولا تزيد عن سنة، أو بالسجن والغرامة معاً، مع إغلاق المنشأة لمدة لا تتجاوز ستة أشهر عند الاقتضاء.
وفي حال تكرار المخالفة تتم مضاعفة العقوبة الموقعة في المرة السابقة، ويكون تحديد مقدار عقوبة كل مخالفة وفق جدول تصنيف يتضمن كل مخالفة وما يقابلها من عقوبة، ويتم إقراره من وزير الداخلية بالاتفاق مع وزير الصحة.
- يعاقب من يخالف تعليمات العزل أو الحجر الصحي، بغرامة لا تزيد على (200.000) مائتي ألف ريال، أو السجن لمدة لا تزيد عن سنتين، أو بالسجن والغرامة معاً. وفي حالة تكرار المخالفة تتم مضاعفة العقوبة الموقعة في المرة السابقة.
- يعاقب كل من سهّل لمن لا تتطلب طبيعة عمله أو ظروفه الحصول على تصريح أو إذن للتنقل وقت منع التجوال، بغرامة لا تقل عن (10.000) عشرة آلاف ريال ولا تزيد على (100.000) مئة ألف ريال أو السجن لمدة لا تقل عن شهر ولا تزيد على سنة، أو بالسجن والغرامة معاً. وفي حال تكرار المخالفة تتم مضاعفة العقوبة الموقعة في المرة السابقة.
ولم تكتف المملكة العربية السعودية بكل هذه الإجراءات الاحترازية، ولا العقوبات المادية والبدنية على المخالفين للنظام؛ بل سعت لتكون من أولى الدول التي وفرت لقاح كورونا بمجرد اكتشافه، ولم تفرق في ذلك بين مواطن أو مقيم، وسهلت للجميع طرق الحصول عليه سواء من خلال التسجيل عبر التطبيقات الإلكترونية، أو من خلال تجهيز المقار اللازمة لذلك، حتى بلغ عدد هذه اللقاحات حتى وقت قريب أكثر من 60 مليون جرعة.
إن تجربة كورونا؛ وما لازمها من إجراءات وتدابير، وعقوبات تعزيرية للمخالفين من خلال القانون لهي تجربة تحتاج إلى عميق دراسة، فكما هدد كورنا حياتنا من الجانب الصحي، هناك أيضاً تهديدات أخرى للحياة بكل ما تشمله الكلمة من معان تحتاج هي الأخرى إلى تطبيق القانون وليس تشريعه فهو موجود ولله الحمد، ولكن التطبيق ثم التطبيق هي الطريقة الوحيدة للمحافظة على مجتمعنا من أي أضرار قد تصيبه من أي كائن من كان. ومن المصادفة أن يترافق مقالي هذا مع تنفيذ أجهزة الدولة لحد القتل على 81 من المتهمين الذين عاثوا في الأرض فساداً تحت عباءة الدين، فيما كان شيوخهم يتمتعون بالحياة والرفاهية في شتى بقاع الأرض ويعاودون بث سمومهم لضحايا آخرين باسم الدين.
حفظ الله قادتنا وديارنا.