صيغة الشمري
ينتشر الذين يدعون بأنهم يطورون علاقتك مع ذاتك ويخرجون المارد الأسطوري داخلك حتى تصبح البطل الخارق الذي لا يهزم ويستطيع بأصبعه الصغير تحريك جبال الضغوط النفسية عن كاهله وبأصبعه الآخر صناعة نجاح يبهر البشرية، يسحبونك - وأنت مثقل - من واقعية تفكيرك بحلول لمشكلتك إلى صحاري من الوهم الموحش وعندما يضعونك في نصف المسافة تلتفت حولك فلا تجدهم فتزداد وحشة فوق وحشة، يمنحونك سيفا من الخشب يوهمونك بأنه قادر على جز رقاب همومك، وعندما تقرر المواجهة تهجم عليك همومك لتكسر سيفك الخشبي فوق رأسك وتجلس تندب حظك لتزداد همومك هما جديدا بعد معركة تطوير ذات وهمية، هؤلاء المطورون «الحكاواتية» أغلبهم فشل في أن يكون واقعيا في حياته ويمتهن مهنة أخرى ليذهب في طريق تطوير الذات في استغلال واضح للذين يغريهم بريق كلمة تطوير ولا يملكون الخبرة الكافية لمعرفة احتياجهم الحقيقي، في الوطن العربي من أقصاه إلى أدناه لا يتجاوز عدد أصابع اليد من هو مؤهل للقيام بمنح دورات في هذا المجال ليخرج الناس من عنده بفائدة على أرض الواقع، نصيحة من القلب لا تتهاون بقيمة ذاتك وتبحث عن تطويرها عند من يهدمها وأنت لا تعلم، عندما تحتاج مثل هذه الدورات لا بد أن تختار مدربا بعناية فائقة مشهود له بالنجاحات المتعددة لأن اغلب هؤلاء يبيعون الهواء على الناس وليس لديهم خبرة كافية في مجال تطوير الذات، أغلب الذين نجحوا في حياتهم وأصبحوا رموزا يحتذى بهم لم يتدربوا عند مطوري ذات بل طوروا ذاتهم وأدواتهم عبر المثابرة والاجتهاد والصبر، أتمنى ألا يفهم كلامي بأني ضد تطوير الذات أو ضد من يذهب لمدربي تطوير الذات، ولكن هذا مجال حساس ويعمل في منطقة بالغة الأهمية في الإنسان مثل الزجاج الهش تحتاج إلى مهني محترف مشهود له بالقدرة على تقديم دورات في مجال تطوير الذات، كما أن كل إنسان يختلف عن الآخر بظروفه وقدراته وأدواته فما يصلح لشخص قد لا يصلح للآخر، على الإنسان أن ينأى بذاته عن تعريضها لكل من هب ودب، ويجعلها في مكان بعيد ورصين ولا يسارع في طلب مشورة من فلان وعلان حول ذاته، قد تجعل الضغوط الطارئة التي تمر على كل إنسان بتوهم الشخص بأنه يحتاج للمساعدة النفسية وهو أمر وارد لكني لا أنصح به، قرار احتياجك لدعم ذاتك أو تطويرها لا يجب اتخاذه إلا عند التأكد بما لا يدع مجالا للشك بأنك في حاجته.