عبد الرحمن بن محمد السدحان
* تذكرتُ قبل أيام موقفًا طريفًا شهدتُه منذ عام تقريبًا، وكنتُ آنئذٍ على متن طائرة متّجهة من الرياض إلى جدة، حين اخترق جدارَ صَمتي صوتُ شاب تربطني به بعض المعرفة.
***
* سلّم الشاب واستأذن للجلوس في المقعد المجاور، فرحبتُ به، ثم سألتهُ: (ماذا تفعل الآن؟). فاستوى في مجلسه ثم قال: أشغل الآن وظيفة حكومية، ثم أطلق زفرةً خلتُها اخترقت صدره قسْرًا! ثم أردف قائلاً: يراودُني الحلم والأمل أن أستأنف دراستي الجامعية وأتأهل لنيل (الدكتوراه)!
***
* قلت له مازحًا: (دكتوراه مرةً واحدة) وأنا أعلمُ علمَ اليقين أنه لم يكد يتجاوز مرحلة (البكالوريوس) إلاّ بجهد جهيد، فقال، وقد كسا وجهَه حماسٌ مستطير: (نعم.. لقد باتت هذه الشهادة ضرورةً (للزحف) على الوظائف العليا في الجهاز الحكومي، بل لا أكتمكَ سرًا إذا قلت إنني أهيئ نفسي لمنصب (وزير) يومًا ما.. على (متن) الدكتوراه!
***
* ابتسمت لقوله، ولم أشأ أن أحاصره بنقاش قد لا يفقه القصد منه، أو يحرجه أو يظنّ بي سُوءًا! وختمت لقاءنا متمنيًا له التوفيق في (مشروعه الوزاري) المنتظر!
***
* أطرقتُ بعد انصرافه إلى مقعده في الطائرة، وأنا أستعيد بسمعي وخاطري حديث زائري المسافر، ولم أعلمْ في تلك اللحظة أأعجب دهشةً من طموح ذلك الشاب، وهو يعيش داخل أروقة نفسه (حلم) منصب وزير، متكئًا على (الدكتوراه)، أمْ أرثي له من سيطرة ذلك الحلم العنيد، وقد تمنيتُ له وهو ينصرف السداد!
***
* الآن.. وبعد مرور سنوات على لقائي بذلك الشاب ذي (الطموح الوزاري) هل نال بعض ما تمنّاه بدْءًا بالدكتوراه!
***
* أما (المنصب الوزاري).. فمسألة أخرى تخضع لمقاييس ومعايير عدة، وليست في متناول كل من (تمنّاها)، وأتمنّى لذلك الشاب توفيقًا وثباتًا وأمنًا في النفس.. وفي المرام!