رقية سليمان الهويريني
ذكرت وزارة البيئة والمياه أن كمية الهدر الغذائي سنويًا في السعودية بلغت حوالي أربعة ملايين و66 ألف طن. وبحسب وكالة الأنباء السعودية فإن القيمة الإجمالية للهدر في بند الاستهلاك الإنفاقي في المملكة تقارب 40 ملياراً و480 مليون ريال سنوياً، فيما تبلغ نسبة الغذاء المهدر أكثر من 18% في نهاية عام 2021.
وقد اندهشت مما ذكرته منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة «FAO» في تقريرها الأخير، بأنّ ثلث المواد الغذائية المنتجة للاستهلاك البشري تهدر سنوياً! بما يعادل 1.3 مليار طن، والبالغة تكاليفها نحو 750 مليار دولار سنوياً! وهو ما يكفي لسد جوع ما يقارب مليارين من البشر.
والعجيب أنّ الهدر الاستهلاكي للغذاء يبلغ في أوروبا وأمريكا نحو 100 كيلوغرام للفرد سنوياً، وفي إفريقيا يقدر بأقل من عشرة كيلوغرامات سنوياً. أما متوسط ما يهدره الفرد العربي من الغذاء سنوياً فيقدر بـ250 كيلوغراماً! وهذا الفاقد مرتبط بسلوك المستهلكين وبعادات غذائية خاطئة وثقافة جوفاء، مثل الكرم الزائد عند إقامة الولائم واستقبال الضيوف والشره الاستهلاكي.
والحق إنّ المستهلك العربي يفتقد لأدنى درجات الوعي أثناء التسوُّق، فهو لا يلتفت قط لأهمية التأكد من حاجته الفعلية للشراء، وعدم تخزين السلع سريعة التلف، ويجهل أنّ الهدر في أي كمية في الغذاء هو استهلاك جائر لتلك الأغذية كما أنه استنزاف لدخل الأسرة.
والهدر لا يتحمله المستهلك العادي، بل يشاركه المورد والتاجر الذي ينبغي عليه رفع كفاءة التنسيق بينه وبين تجار التجزئة في المراحل المختلفة لإنتاج وتسويق الغذاء، وضرورة مراجعة الخطط المتعلقة بتداول الغذاء وتخزينه وتسويقه واستهلاكه، وزيادة وعي المجموعات الاستهلاكية من الشركات والأفراد ومتعهدي الإعاشة، وأهمية غرس الوعي لكل القائمين والعاملين في مجال تداول الغذاء وتدريبهم على ذلك، والاستفادة من فاقد الغذاء وبقايا الأطعمة المهدرة والصالحة للأكل بتغليفها ومنحها للمحتاجين.
تقول دانا غاندرز الخبيرة في معهد الدفاع عن الموارد الطبيعية وهو معهد أميركي لحماية البيئة: (يجب علينا سد الفجوة بين إدراك الأشخاص لهذه المشكلة وما يفعلونه حينما يكونون في البقالة أو المطبخ).
إنّ العادات الشرائية لدينا خاطئة طالما نشتري الخضراوات والفواكه بكميات هائلة، ومن الآفات الجديدة العبوات الاقتصادية التي يُستخدم جزء منها ويتم التخلص من الباقي.
ولعل أدق مقياس على الهدر الغذائي هو براميل النفايات التي تنوء بالأطعمة الصالحة للأكل! وهو أمر جدير بالمراجعة والتأمل.