الحديث عن كاتب رأي وقاص وشاعر بصم في المشهد الثقافي ببصمته، وأثرى الساحة بإبداعه ليس بالأمر اليسير.. فما عساي أن أكتب عن قامة أدبية ثقافية إبداعية بحجم محمد منصور الشقحاء!
محمد منصور الشقحاء قلم انغمس في الإبداع بثقة، حلق في عوالم السرد بعفوية الكتابة، وتابع مسيرته دون أن يأبه للغيوم..
سبك اللفظ ديدنه، فكون من أصغر التفاصيل وأبسطها سردا خاصاً به.. سرداً مفعماً بالحياة مازجاً بين القصة والشعر؛ فجنح بهما إلى فجاج غير معهودة، لأنه آل على نفسه ألا تكون النخبة محوره...
يقول: (ما يهمني في الأساس هو أن أؤدي عملي بطريقة جيدة، وطبقاً للمعايير التي أراها أنا للعمل الجيد).
ولأن «المثقف سلوكي» على حد قول: جان بول سارتر.. فمحمد منصور الشقحاء تسامى بنفسه وفكره وقلمه عن الخوض في صرعات ومعارك تشد للحضيض...
لطيف ودود خلوق مطبوع محب دمث الخلق معطاء سخي في كل شيء؛ حتى في إبداعه الذي تجاوز المحلية، كتب الكثير من المقالات، وأثرى الساحة بالعديد من المؤلفات التي تنوعت ما بين دواوين شعرية ومجموعات قصصية نشرت في الصحف اليومية والمجلات الأسبوعية والشهرية والدورية.
محمد الشقحاء الإبداع هاجسه والعمل على نشر الثقافة والأدب جُل اهتماماته، وهذا ما حدا به للمساهمة في تأسيس نادي الطائف الأدبي عام 1975م إلى جانب إسهاماته في العديد من العضويات في المؤسسات الثقافية، حاضر وشارك في العديد من اللقاءات المنبرية في الأندية الأدبية وجمعية الثقافة والفنون والمكتبة العامة.. كرائد من رواد الفن السردي كرم في افتتاح ملتقى نادي القصيم الأدبي الرابع للقصة القصيرة في المملكة العربية السعودية، وكرم في انينيه الشيخ عبدالمقصود خوجة، وهو جدير بهذا التكريم.
هذا هو الشقحاء كاتب مكتظ بواجب، مثقل بهم، عقل متحرك في جسد ثابت، بوح منهمر بأجمل المعاني وأعذب الألفاظ وأسمى الأفكار.
تقول أحلام مستغانمي: الكاتب هو الذي يبوح لنا بخطاياه ومخاوفه وأسراره، التي ليست سوى أسرارنا, والتي لا نملك شجاعة الاعتراف بها..
من يقرأ له لا يجد مناصاً من الاعتراف بأنه مربك تارة ومدهش ومحير تارة أخرى، مبكي، ومضحك مفرح ومغضب «وما قيمة الكاتب إذا لم يُغضب قراءه»..
ماذا تعرف الطفولة والموت، وعن النفس الإنسانية المقهورة والمستضعفة وعن الألم الذي يظهر إذا تعاظم الفراغ؟
إذا توفرت لك الإجابة؛ فأنت تقرأ أوجاعه بزوايا عديدة، تدخلك لقلوب الناس وأرواحهم، زوايا تحيل الجراح والأوجاع وكل الآلام إلى أنسام منعشة، وتبعث في النفس الراحة النفسية والنشوة الروحية.
** **
- د. سارة الأزوري