تأتي «الساحة الشرفية» للأديب والقاص والمفكر «محمد المنصور الشقحاء» لتشكل إضافة هامة في مسار تجاربه الروائية، ويقول (الحسن الحمامة) أحد النقاد الروائيين» ولعل النص المتجدد والمبدع يشيء بقدرة الأديب على صياغة حكي يضطلع بتمكنه من الوعي النظري بالكتابة الروائية»!!
وبالفعل يعزز الأستاذ «محمد المنصور الشقحاء» تأسيس خطابه الذي ينأى عن المواصفات السائدة في أبنائها وتشكيلاتها، لأن خطاب «محمد المنصور الشقحاء»:
1 – نصوص جميلة ومتواترة في ذات الآن.
2 – وتتخذ من تجربة المجتمع وتجربة العاطفة وتجربة العقل من حيث هي تجارب إنسانية مرتكزة أساساً على مفارقات الواقع، أي انها متماهية كما يشرح «حمامة» مع الواقع التخييلي الذي ينهض منه الحكي ويضطلع به!
** ولما كنتُ «ناقلا» لا ناقداً في الإعلان السارد لواقع الرواية وأحداثها ومشاهدها وحكاياها وشخوصها وأسماء شخوصها «من ابتداع الخيال وميثاق المتلقي ومصداقية النص وموثوقيته حتى في التخييل».. فإن الأستاذ «محمد المنصور الشقحاء» بارع جداً في:
اولاً: وصف وتحليل المشاهد والأحداث حين تقع في الأمكنة الحقيقية.
ثانياً: وفي الخيال الواعي السارد.
ثالثاً: وفي تحديد المواقع الذهنية «الفيزيقية وغير الفيزيقية».
رابعاً: وفي تصوير الأمكنة التخييلية في سياق عالمه الروائي القصصي.
خامساً: وفي رحابة فضاءات «القصة والرواية والمقالة» حين يتولى المسئولية المطلقة لرسالته الفكرية في الكتابة على فضاء الصفحة الصورة بما هي كفضاء لصدر الشخوص!!
وعند قراءاتي للقيمة المهيمنة للتحليل الروائي لعدد من الكتاب الروائيين المرموقين كـ» عبد القادر الشاوي» رأيت كقارئ «فقط» ان «الأستاذ محمد المنصور الشقحاء» يخط في «أقاصيصه وقصصه ورواياته ونثره الفني» فكراً يهتم بتحليل المبادئ التي تؤسس عطاءه ثقافياً وأخلاقيا.
وهذان المبدآن: المبدأ الثقافي والمبدأ الأخلاقي يعكسان موقف المجتمع بل الأمة برؤية «بانوراميه» تتشكل باتجاه القيم الجمالية للأدب بالعموم..
فما قصته «الزهور الصفراء» مثلا.. الادب مطلوب للترويح يرقى الى الأدب المرجو لأنه يسمو بالفكر البسيط وبالشعور البسيط كي يكون عريقاً ذا قيمة..
وهذا هو الذي يذكرني بالأديب والمفكر الأمريكي «ادغار الان بوفو كثير» حين أقرأ روائعه التي تتناول القيم العميقة الراسخة في تراث المجتمع الإنساني والتي يدفع الأستاذ «محمد المنصور الشقحاء» بها في مثل قصة «الزهور الصفراء» إحساساً بعمق الثقافة والبحث في جوهر الإنسان!
أما قصته «حكاية حب ساذجة» كأنموذج ثان: «فهي إحالة عاطفية تؤثر على «الأنا» في علاقتها بالآخر ومقارنتها به وتختص بالاغتناء والإثراء الدرامي المبدع وتعميق سؤال النفس وعقد التواصل معها واستحضار عواطفها، وتعتبر هذه «القصة الرواية» عرضا على مستوى الأدب المقارن في سياق علاقة الذات بالآخر أو التي تطرح مستوى تجنيس النص لتعميق هوية القصة الأدبية.
يقول «رينيه إتيان»: «الأدب المقارن هو الإنسانية»
وفي قصة «الأستاذ محمد المنصور الشقحاء» «معاناة:» انطباعات تتميز بالجرأة والإبداع» وحين نلج هذه القصة عبر سؤال القراءة ومكونات المادة الحكائية يتأسس لدينا تنظيم درامي روائي عن طريق السرد يساهم في صياغة علاقة الدهشة والصدمة والانبهار والإحباط على مستوى النص فتحيلنا كما تقول «حنان بنت دحمان» الى مفارقة ومتغير ثقافي اجتماعي وحضاري كتجربة «موسم الهجرة الى الشمال» «للطيب صالح» في كسب العطف وتفاعل الشخصية وتركيبة الفقرات الروائية القصيرة التي أرادها «محمد المنصور الشقحاء» أن تكون حقيقة..
** ولم أتطرق «كقارئ» لبقية القصص والروايات ذات النموذج ذي النزعة الوصفية المبدعة «لمحمد المنصور الشقحاء» فهي تحتاج لأكثر من عشر مقالات لتأمل قدرتها العجيبة في خوض غمارها وأدواتها النقدية، بيد أن هذا الروائي الكبير تتشكل نصوصه القصصية في كليته، بحسبانه يحمل رسالة أدبية إنسانية الى متلقيه» لكن شخصية تتناول تقنيات قصصية روائية أخرى «كاللعب بالزمن والنأي عن الكتابة التسجيلية والتماس الكتابة الإبداعية التي تجعل من تجربته القصصية تجربة إنسانية في كل أبعادها الانتولوجية» كما أن شخصية الأستاذ «محمد المنصور الشقحاء» الروائية تسوغ وتصوغ لها مشروعية الأدب بامتياز، لأنها مشروعية تجد أساسها في المبنى الحكائي، أي في طرائق تشييد الخطاب وفق استراتيجية محكمة، يتوازى فيها المبنى والمعنى.. وكما يرى «عبد الفتاح الحجمري» فإن الأديب المفكر الأستاذ «محمد المنصور الشقحاء» له مسار تطوري ذو كفاءة نظرية وواقعية فهمه النقاد السعوديون والعرب، فأسسوا له قضاء نقديا ارتبط بعلاقته الشاملة بخصوصية الحركة الأدبية والثقافية المحلية والعربية التي اخصبتها نصوصه ضمن مرجعيات الدراسة الأدبية.
وأرى أن الأفق المنهجي الروائي للأستاذ «محمد المنصور الشقحاء» تخصيبا منظوراً في توظيف المفاهيم الثقافية الأخلاقية بما يناسب نسق الثقافة وطبقات النصوص القصصية، وهو ما قد أبان عن وعي نقدي خصب ومتنوع واقعياً وخيالياً عمل على تطوير النظرية الفكرية الروائية السعودية والعربية في حضور نصي قصصي ممتلك «القدرة تأثيرية» درامية اجتماعية أعادت بناء آليات «الخطاب الروائي» وتطورات نهجه..
ولم يعد بالإمكان اخطار قيمة التفكير في الإنجاز ضمن طبيعة العطاء الفكري الروائي للأستاذ «محمد المنصور الشقحاء» في الإجراءات السردية والخطابية للرواية حين يشيد بها التجديدات المستمرة المتعلقة بآليات اشتغال التخييل، لذا فساحة الشقحاء الشرفية تصف وتفسر مكونات وأساليب الكتابة الروائية لتجلية أهم الخصائص المميزة للسرد الروائي ضمن مسار ذاتي تطويري ملحوظ زكته المرجعية والمنهاجية الثقافية الاجتماعية لشخصية «محمد المنصور الشقحاء» من ناحية «الإنتاج النصي» التي لا تنفصل بأي حال من الأحوال عن «التلقي النقدي» من زوايا عدة من أهمها زاوية «التركيبة التقنية» للنص المتجدد والمبدع..
وبالفعل.. اعتز كقارئ «بالإنتاج النصي الروائي» لأستاذي الجليل «محمد المنصور الشقحاء» لأني كمتلق حوّل خيالي في قراءة الرواية الى «مادة نظرية» أثارت الاهتمام في الخطاب النقدي الروائي المحلي والعربي والإنساني، وطورت الوعي في الحركة الأدبية الروائية، بل أبانت عن وعي دقيق ومبتكر ومفيد في تخصيب وإنتاج الرواية والقصة.
مرحى.. أستاذنا القدير «محمد المنصور الشقحاء» فقد كنت ولا تزال مصدر إثراء أدبي في ساحة الشرف وجمعت لي ما بددته قراءاتي وما لم أستطع أن أجمعه في كأس ماء!.
** **
- د. عدنان المهنا