التقيته للمرة الأولى في رواق النادي الأدبي بالطائف، وكان أحد المؤسسين لكيانه والمشكلين لهويته الثقافية، كانت ولم تزل ابتسامته هي العالقة في ذهني، وصوته المبحوح بجمال وهدوء هو الباقي في سمعي حال ترحيبه بي، ثم توثقت معرفتي به في اجتماعنا اليومي بمقهى نجمة الذي أزعم أنه شكل نواة لما يعرف بالمقاهي الثقافية في مدينة الطائف، حيث كان يجتمع فيه نخبة من مثقفي وأدباء مدينة الطائف في وقته، وصار عنوانا لعديد من مثقفي وأدباء المملكة ممن يرغبون في الالتقاء بنظرائهم حال زيارتهم للطائف المأنوس، وخلال ذلك الوقت رأيت فيه قامة معرفية أدبية متواضعة في سمتها وهويتها، وتلك سمة كل المعرفيين الحقيقيين في كل وقت ومكان.
كان القاص الرائد محمد الشقحاء نموذجا للمثقف العصامي الذي لم يركن إلى شهادات لا تسمن ولا تغني من جوع، بل حفر مشواره بتؤدة وصبر، وكتب قصصه بمهارة وإتقان، وصار أحد مشكلي أدب القصة في وطننا بجدارة واقتدار، بل وخاض كل أفانينها من القصة إلى القصة القصيرة إلى القصة القصيرة جدا التي أشبه ما تكون بتغريدة مكتنزة من قبل أن يعرف العالم تقنية اختزال «تويتر» للحروف والمعاني. والجميل في الأديب والقاص محمد الشقحاء أنه ظل مؤمنا بما كتب وأنتج، ملازما خطه المعرفي، مدركا أن القصة هي النواة والأساس لمشهد الرواية، وأنها العتبة الأولى للصعود، وكم آسى على أجيالنا الشابة التي أحبت نهج الكتابة السردية إلا تعرف وتتلامس مع جيل الرواد في فن القصة والذي ينتمي إليهم القاص الكبير محمد الشقحاء، وأجد ذلك من مسؤولية مسؤولي وزارة الثقافة الذين يقع على عاتقهم ربط الأجيال ببعضها البعض، فهل إلى ذلك سبيل؟
أختم بتحيتي لأديبنا وامتناني لكل ما قدمه ورفاقه من إبداع كان هو اللبنة الأولى لصناعة مشهد السرد الحكائي في مسيرتا الثقافية.
** **
- د. زيد بن علي الفضيل