«التنافسية الإنتاجية» بمفهومها الحديث المرتكز على الإنتاجية والشمولية والاستدامة، تمثل آلية ناجعة لتحديث الاقتصادات الوطنية، ولدينا في المملكة فرصة قوية لتبني هذا المفهوم للانطلاق نحو تحقيق التحول الاقتصادي، والانتقال من اقتصاد يعتمد على مداخيل النفط، إلى اقتصاد متنوع الموارد والإيرادات، يستثمر كل ما لديه من ثروات وإمكانات، ويعتمد على دعم الابتكار وإطلاق المواهب والكفاءات، بما يتواكب مع مستهدفات «رؤية المملكة 2030».
والمتابع لما بذله المركز الوطني للتنافسية، منذ تأسيسه في 1 - 1 - 2019م، من جهود لتكريس تنافسية المملكة من خلال تحسين بيئة الأعمال ورفع جاذبيتها، عبر تبني سلسلة من الإصلاحات التشريعية والتنظيمية التي أسهمت في تعزيز تنافسية المملكة محلياً وإقليمياً وعالمياً، سيدرك المستوى المتطور الذي بلغته المملكة على هذا الطريق، لكن الخطوة الجديدة التي اتخذها المركز من خلال إطلاق خطة عمله الجديدة، تشكل انطلاقة قوية لرفع وتيرة الاندفاع نحو المزيد من تنافسية الاقتصاد الوطني.
واتجه المركز لتبني المفهوم الحديث للتنافسية، الذي يعتمد على قدرة الشركات على توجيه رأس المال، والخبرات، والأصول، لزيادة الإنتاجية، وإرساء الاستدامة البيئية، والحوكمة الشاملة، حسب اعتبارات البيئة والمجتمع والحوكمة (ESG) وتسويق منتجاتها وخدماتها لمنافسة الشركات الأجنبية محلياً وإقليمياً وعالمياً، وهو ما سيعزز الأهداف التي سعت رؤية المملكة 2030، لتحقيقها، من أجل إعادة هيكلة الاقتصاد الوطني وبلوغ إحدى مراتب الدول العشر الأكثر تنافسية في العالم.
محلياً كان النجاح الذي حققته المملكة في مجال تعزيز بيئة الأعمال من خلال تبني التنافسية، يشكل أرضية أساسية للانتقال إلى جيل جديد من الإصلاحات يركز على تنافسية الشركات وتحفيزها على رفع الإنتاجية، حيث ثبت أن الشركات التي تركز على الإنتاجية وتراعي الاعتبارات البيئية والاجتماعية والحوكمة تتمكن من تحسين أدائها التشغيلي، وخفض تكلفة رأس المال، كما تقلص تكلفة الاقتراض من مؤسسات التمويل.
وعالمياً فإن الدراسات تظهر أن الاقتصادات التي تتميز بإنتاجية عالية تتمكن من توسيع حصتها من الخدمات والمنتجات في الأسواق العالمية، وأن تبني التنافسية المرتكزة على الإنتاجية يشكل أقوى محرك لزيادة نمو الناتج المحلي الإجمالي، فضلاً عن أن تبني التنافسية الإنتاجية سيوفر للمملكة أفضل الخيارات للتعامل مع تحديات المنافسة العالمية.
خطة المركز الوطني للتنافسية الجديدة للانطلاق نحو تبني مفهوم التنافسية الإنتاجية، خطوة تكتسب أهمية بالغة، ما أحوج المملكة لتبنيها، وهي دعوة لكافة الجهات في القطاعين الحكومي والخاص، للمشاركة في تنفيذها والعمل بكل قوة لإنجاحها، وتؤذن بالفعل بمرحلة جديدة من العمل لرفع تنافسية اقتصادنا الوطني، كما تتطلب تصميم السياسات الهادفة إلى زيادة الإنتاجية، ودعم الشركات الصغيرة والمتوسطة ورواد الأعمال، وزيادة الاعتماد على الابتكار وتطوير المهارات واستخدام الرقمنة والتكنولوجيا، لتحقيق نقلة قوية لقطاع الأعمال.
** **
تويتر: @Majalbrikan