علي الخزيم
الرَّزُّ؛ والتَّرَزُّز: من معانيها البُروز والظهور، وهنا هم المُتصدرون بلا تأهيل، وضمنهم المُحلِّلون المُتَرَزِّزون، نظراً لمَلَكاتِهم وقُدراتهم النفسية والعقلية (العَكسِيَّة) التي تساعدهم وتؤهلهم باستمرار للظهور دون وجَل أو حساب لردود أفعال المُتلقين والمشاهدين لطلَّاتهم - المُبتسمة الواثقة - على الشاشات ومواقع وحسابات التواصل الإلكترونية، يكون أحدهم فيما مضى مع بدايات شغفه بالظهور - كمثال - يُعَلِّق على سباقات السباحة التي تقيمها بعض المراكز الرياضية الأهلية بالأحياء لتشجيع واستقطاب المزيد من المشتركين، ثم انتقل للتعليق على برامج الجري والمشي التنشيطية التي يتبناها بعض الناشطين لتعميم الرياضة المجتمعية، غير أن الشغف بالظهور دون تطوير للمحتوى العقلي العلمي المتخصص يدفع مثل هذا (المُترزز) لاقتحام مجالات اكبر من حجمه، تساعده وسائط القُربَى والصداقات، والحرص على ديمومة التجوال بين الجلسات والاستراحات لفرض ما يُسمى بالأمر الواقع على الآخرين بأنه ذاك الذي يظهر على واجهة التلفاز بين فينة وأخرى وان كان بدرجة قبول جماهيري تقترب من الصفر المئوي، لكنه و(بوجه أقوى من الساطور) وللمعطيات النفسية العقلية آنفة الذِّكر استطاع التغلغل خلال ثغرات المهنة ليحقق مبتغاه من الظهور القَسري كمعلق لا يهمه قبولك من عدمه!
وعلى جانب آخر ستجد بعضهم فجأة (على شاشات محطات مهزوزة) قد تجاوز تحليلات أخطاء حكام منافسات كرة القدم، ومواقع أخبار الأوبئة والفيروسات مع جائحة كورونا، ليروغ على عجلٍ إلى مواقع الخبراء العسكريين الاستراتيجيين حتى لا يَحرم المتابعين من فائض خبراته وأفكاره لمعالجة الأحداث العالمية المستجدة، يهذر ويهرف بما يعرف وما لا يعرف لأنه ظن أن صِفة مُحَلّل تُجيز له الخوض بكل ميدان وكل حدث وأزمة بدءًا بأسعار الجرجير (الجرجير طيّب لا سيما لكبار السن) مروراً بمنافسات كأس آسيا لكرة القدم، وصولاً لتداعيات التهديد بالحرب النووية؛ فهي عنده على سواء طالما أنه أمام الكاميرا والمكافأة سارية المفعول، أما نظرات النقد والازدراء لظهوره المنقوص فلا تهمه، بل هي آخر ما يَلتفِت إليه.
ومما يجب الالتفات إليه بعناية من الرقباء المتابعين المسئولين عن أمن الأوطان؛ تلكم الأسماء المستعارة المتخفية خلف صفات وهمية تظهر وتدَّعي التصاقها بالإعلام بعد توظيفها من قبل جهات تعمل ضد رفعة العرب والمسلمين بكل مجال، أبواق مأجورة تسهر بمواقعها وحساباتها المشبوهة لإنتاج وإصدار ما من شأنه الحطّ من القيم العربية الإسلامية، وبث الخيبة والخنوع واليأس بعقول وأنفس الأجيال الشبابية العربية، واللمز ببث الرسوم الساخرة والعبارات المُثبِّطة لطموحات وتطلعات شباب العرب والإسلام، ومحاولة إقناعهم عبر الأجيال المتلاحقة بأنهم أقل من أن يصنعوا لأنفسهم مجداً، وأن الأقوام من حولهم أفضل منهم، وأنهم سيبقون مجرد تابعين لغيرهم، وأرى أنه يجب على النابهين المُخلِصين التصدي لهم ببث وطرح ما يرفع من الشأن الإسلامي العربي كما هو منذ الأزل بفضل الله، والأمل بعون الله معقود على شباب الوطن من الجنسين لإدراك أبعاد وملابسات ومخاطر ما يجري حولهم من أحداث وملاحم عالمية، وألا تسرقهم بهرجة إعلام دولي مُغرِق بالدعاية المُغرضة لأهدافه الأنانية دون وازع إنساني.