تعايشت مع الأخ البار والصديق الوفي فهد بن ثنيان الثنيان الذي يشكل ثنائيات الروح التائقة للتفاعل المجتمعي والمشاركة الوجدانية بالمشاعر الإنسانية التي يحملها قلبه النقي شديد البياض مع ذلك الكم الهائل من العلاقات الواسعة مع الناس الذين عرفهم وعرفوه وأحبهم وأحبوه إنه بحق رجل مواجيب من الطراز الأول مهما بُعدت به المسافات أو نأت به الديار لا بد أن تجد طيف هذا الشاب في الأفراح والأتراح مهنئياً أو معزيًا، بل هو من يتجشم مشقة الطرق المزدحمة ليؤدي واجب منذ أكثر من ثلاثة عقود عرفته على هذا النهج ولم يحيد عنه وهو إلى ذلك الابن البار الذي لم أقم بزيارة إلى والده رحمه الله وما أكثرها إلا وأجده حاضراً في مجلسه ينتظر منه أية إيماءة أو إشارة منه ليباشرها: (سم، وأبشر، ولبيه، وتم).
إنه في نظري لا يعيش لذاته بل يعيش ليُسعد من حوله إنه التجديد الذي يتجدد ويجدد دورة الحياة ليذلل ويروض الوقت الذي بارك الله له فيه والابتسامة هي الابتسامة التي لم تفارق محياه ليوزعها على كل من حوله لذا لا غرو أن نرى ذلك الاستفتاء المتوقع والذي شهدته وكنت شاهدا عليه من ذلك الكم الكبير من محبة الناس له والتفافهم حوله معزين في ثلاثة مواقف شهدتها إبان وفاة شقيقه عبدالعزيز في 1427 - 2007م، ثم وفاة والده 1443هـ - 2021م, ثم وفاة ابنه وفلذة كبده ومهجة فؤاده عبدالرحمن 1443هـ - 2022م رحمهم الله جميعًا.
لذا اسمح لي أخي العزيز أن أهنئك قبل أن أعزيك ولا أعلم بماذا ابدأ هل ابدأ بسمة الوفاء والتي نتعلمها منك، أم بصفة النُبل المتلازمة بك ومنك، أم بسمة المشاعر المتدفقة التي وزعتها على كل من حولك، أم بتلك الإبتسامة التي أصبحت جزءاً من شخصيتك المحبوبة، أو بكم المواقف وأنك رجل ملتزم بالواجب مهما بعدت الشقة، أم بأنك عمدة نادرة في إمضاء العلاقات الأخوية والإنسانية مع القريب والبعيد وبلا تكلف فأنت من يبسط الرجولة الحقه بكل عفوية وبساطة بعيدًا عن الماديات والمصالح كيف لا؟ وأنت من انسالت إليه الكثير من صفات أبيك الوجيه ثنيان رحمه الله.
وبالأمس كنا معك والجموع الغفيرة من محبيك أخي العزيز وأنت تشيع قطعة منك ابنك الغالي عبدالرحمن بعد أن اختاره الله إلى جواره وهو في زهرة وعنفوان شبابه بعد مرض عضال نسأل الله لنا وله الرحمة والغفران وأن يسكنه فسيح جنانه وواسع رحمته ومن نظر إلى تلك الجموع الغفيرة التي امتلأ بهم مسجد الملك خالد وكذلك مقبرة العمارية وكذلك ذلك العدد الكبير الذي توافد إلى تقديم واجب العزاء هنا تتأكد له ولنا تلك المكانة التي احتلها من ذلك الاستفتاء الذي اجتمع على محبة وتقدير هامة ذلك الحبيب الذي توافرت فيه كل خصال الرجولة المستحقة والمكتنزة في روحه الواثقة والوادعة والخفيفة الظل والمحمولة على إسعاد الآخرين حتى وهو في قمة حزنه يعطى بلا توقف من الحفاوة والاستقبال والاقتبال والبشاشة لكل من جاء لتعزيته واقفًا ليعطي كل واحد قدره عنده والحزن يعتصره على فراق ابنه إنه مجموعة إنسان في قلب إنسان ومهما قلت أو أكثرت فلن أوفيه حقه وكما قيل: إذاً كان درساً فيكفى حرفاً، ويكفى من القلادة ما أحاط بالعنق، مجرد إطراء اسمه فقط إيحاء للسمو والإعجاب.
وقد وصلني منه وهو في ألمه الذي يتكبده ومعاناته على فقد فلذة كبده تلك الرسالة بعد أن قدمت له واجب العزاء في منزله هنا الواجب الذي لا يمكن أن يفوته مع أنه في وضع يُعذر فيه إلا أنه حتى العذر أو الأعذار ليست في قاموس رجولته البالغة ووفائه الدائم الذي عودنا عليه دائماً:
(الحمد لله الذي إذا أعطانا شكرنا وإذا أخذ منا صبرنا.. اللهم أجرنا في مصيبتنا وأخلف لنا خيرا منها.
أشكركم على كريم ما أحطتونا به من مشاعركم الطيبة فلقد كان لهذه المشاعر أثر كبير في مواساتنا وتخفيف ألم هذا المصاب الجلل. داعياً الله أن يجزيكم عنا خير الجزاء وأن يجنبكم كل سوء.
محبكم.. فهد بن ثنيان بن فهد الثنيان)
كان عبدالرحمن - رحمه الله- كما عرفته شاباً وسيماً قسيماً مقتبلًا ومقبلاً على الحياة مبتسمًا كما والده الذي أخذ منه وعنه الكثير من الصفات الخلقية والرجولية رأيت فيه والده شبهاً وتطبعاً وخلقًا جمًا فالابن هو سر أبيه فله منا الدعاء بالرحمة والغفران.
أسأل الله القدير أن يغفر ويرحم عبدالرحمن بن فهد الثنيان وأن يسكنه الفردوس الأعلى من الجنة وأن يربط على قلب والديه وإخوته وعزاؤنا لكافة أسرة الثنيان الكرام ولا نقول إلا {إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعونَ}، وأسأل الله أن ينزل على قلوبهم الصبر والسلوان.
** **
- فهد عبدالعزيز الكليب