الجزيرة - ملاك التويجري:
في عالم الفنون، تعني كلمة «بينالي» معرضا فنيا دوليا ضخما يُقام كل عامين، ومنذ إقامته لأول مرة في مدينة البندقية تفرع وأصبح يقام في عدة مدن منها بكين وبراغ وسيدني. وما يميز هذا الحدث عن الباقين هو أنه ليس معرضا فنيا تقليديا أو معتادا، فهو تجربة بحد ذاتها. وقد أقيم مؤخرًا في الرياض تحت عنوان بينالي الدرعية للفن المعاصر «تَتَبَّع الحجارة»، ويقدم البرنامج الثقافي المصاحب للمعرض عدة أنشطة منها ورش عمل لجميع الأعمار ودورات ومسرح وسينما.
وفي جولة للجزيرة داخل المعرض برزت أعمال الفنانين السعوديين، من خلال 27 فنانًا محليًا، حي تميزت بملامستها لثقافتنا وواقعنا.
كما تضمن المعرض لوحة من عمل الفنان الراحل محمد السليم تُسمى «ربيع الصحراء»، وهي لوحة تنقل لنا «تأثير أشعة الشمس القوية في إظهار ما تتمتع به أرضنا من اختلافات على صعيد الأشكال والألوان». وقد كان الفنان من أوائل رواد الفن التشكيلي في السعودية، حيث حصل في السبعينات على منحة دراسية فنية من وزارة الاتصالات، وهذا يوضح الدعم الحكومي الذي ازدهر بفضله المشهد الفني، وعند عودته أسس دار الفنون السعودية. وكذلك عملٌ أخاذ للفنان سلطان بن فهد بعنوان «شد الرحال» يوثق فيه شهادة حج كانت تُعطى للحجاج قبل 80 عامًا، وعُرض العمل، الذي أُنتج على قماش خيمة وطُعم بالخرز، داخل غرفة مفعمة بالألوان والتفاصيل.
وفي عمل «أبعاد أفقية» من سارة أبو عبدالله وغادة الحسن، استخدمت الفنانتان عدة تقنيات فنية في لوحتهما الممتدة على 25مترا مثل التصوير والطباعة والرسم. وكان عملهما ثمرة نقاشات شخصية بين الأم وابنتها حول البيت والذاكرة والكون والنجوم والأحلام. ولقد لفت انتباهي التعاون بين الفنانين السعوديين ونظرائهم من الخارج، وتجلى ذلك في العمل الفني «عبر محور الزجاج» من الاستديو المعماري بريك لاب في جدة - أسسه عبدالرحمن وتركي قزاز - واستديو التصميم مامافوتوجراما الإيطالي، حيث أنتج تعاونهم عملا تركيبيا مبهرا من الزجاج.
كما قدمت الفنانة منال الضويان طرحا متميزا عنوانه «شجرة الذاكرة»، حيث بدأت الفنانة هذا العمل بالطلب من سيدات سعوديات رسم شجرة عائلاتهن من جانب الأم، وهو جانب يتم اغفاله دائمًا. وكان لدى الفنانة زاوية خاصة بها، أبرزت على 3 من جدرانها عدة صور من مشاركات السيدات، وفي المنتصف تسلسل من الورقات الذهبية بأطوال مختلفة مذكور على كل واحدة منها اسم سيدة، ويوضح طول كل سلسلة مدى تذكر كل سيدة لشجرة أسرتها.
تجدر الإشارة إلى أنه سيُقام بينالي للفنون الإسلامية خلال هذا العام، إذ تُعد مؤسسة بينالي الدرعية جزءا من الجهود الدؤوبة لترسيخ مكانة السعودية على الساحة الفنية والدرعية بالتحديد كعاصمة للثقافة وذلك وفقًا لرؤيه 2030.