د.شريف بن محمد الأتربي
جاءت جائحة كورونا أوكوفيد19 بكل مسمياتها ومتحوراتها لتضرب جميع المجتمعات ضربة قوية أثرت عليه من جميع النواحي، حيث شلت حركة الأفراد تقريبا وأبقتهم في منازلهم مرغمين تجنبا لإصابتهم بضرر هذا الفيروس، وبالتالي نقل العدوى لغيرهم.
ومن أكثر القطاعات التي تضررت نتيجة هذا الحجر المنزلي؛ قطاع التعليم، حيث وجد الآباء والأمهات أنفسهم في موقف لا يحسدون عليه، فقد أصبح لازما عليهم القيام بكافة أدوار المجتمع الأخرى من تربية وتعليم وترفيه وصداقات وغيرها، وذلك دون تأهيل مسبق أو ربما علما يستنار به في هذا الموقف، وبناء عليه تأثرت سلوكيات الطلبة خلال هذه الفترة كثيرا منها إيجابي وبعضها تأثر سلبيا.
والسّلوك بالضم مصدر سَلَك، وهو يعني سيرة الإنسان وتصرّفاته. والسلوك هو كل الأنشطة والأفعال التي تصدر عن الإنسان، سواءً كانت هذه الأفعال ظاهرة أم غير ظاهرة، ويعرفّه آخرون بأنّه أي نشاط يقوم به الإنسان سواءً كان أفعالا يمكن قياسها وملاحظتها كالنشاطات الفسيولوجية والحركية، أو نشاطات تحدث على نحوٍ غير مرئي مثل التفكير، والذاكرة، والوساوس، وغيرها.
وتختلف سلوكيات البشر حسب الفئة العمرية، فسلوك المواليد، غير الأطفال، غير المراهقين، غير الشباب، غير الكبار، غير كبار السن أيضا، حيث يرتبط هذا السلوك بعد الفئة العمرية بالبيئة المحيطة وبالأشخاص الآخرين، كما يرتبط أيضا بطبيعة التكوين الأخلاقي على فترات الحياة، حيث تختلف السلوكيات والنظرة إلى الأفعال من قبل الأشخاص أنفسهم مع التطور العمري.
وفيما يتعلق بسلوك الطلبة فهو تقريبا يقع في المنطقة المشتركة بين الأطفال والمراهقين، وفي المرحلة الأولى أشبه سلوك الطفل باللوحة البيضاء التي يمكن الكتابة عليها ومحوها بسهولة في حال كان المتابع للطفل مهتما به ولديه القدرة السوية على التفرقة بين السلوكيات الصحيحة والخاطئة، وكلما تأخر تعديل السلوك في نفوس الأطفال تأخر علاجه وانعكس ذلك على مرحلة المراهقة التي يزداد فيها التوجه نحو السلوكيات الخاطئة كنوع من أنواع الإحساس بكبر السن، أو رغبة في إثبات الوجود.
وخلال فترة وجود الطلبة في المنازل تأثرت سلوكياتهم بشكل واضح نتيجة العزلة الاجتماعية، وربما زادت بعض السلوكيات السلبية في مجال التعليم سواء في حضور الحصص أو حل الواجبات والاختبارات. وعند العودة للمدارس مرة أخرى سيكون أمام المسؤولين فئتان من الطلبة تحتاج إلى رعاية خاصة ودراسة سلوكياتهم بدقة، وهم الطلبة الجدد، والطلبة المستمرون في الدراسة من قبل لكن مع تسجيلهم في مراحل دراسية أعلى.
وبالنسبة للطلبة الذين التحقوا بالدراسة أول مرة فهم يحتاجون إلى بناء ملف خاص بالسلوك يقوم عليه المرشد الطلابي بالتعاون مع المعلمين لتحديد الجوانب الإيجابية والسلبية في سلوكيات هؤلاء الطلبة والعمل على تعزيز الإيجابي منها ومعالجة السلبي. أما الطلبة المستمرون في الدراسة فعلى المرشد الطلابي الرجوع على ملفاتهم السلوكية السابقة ومقارنتها بالسلوكيات الحالية لتحديد أشكال التغير الذي طرأ عليها ووضع خطط تعزيزية أو علاجية لها وإعادة خرطهم في العملية التعليمية.
إن دراسة سلوك الأبناء قبل الجائحة وبعدها سيساعد- بإذن الله- المسؤولين عن التعليم في وضع الخطط المستقبلية سواء لكيفية الاستفادة من التعليم عن بعد حاليا؛ أو لمواجهة أي تغير قد يطرأ على العملية التعليمية مستقبلاً سواء كان هذا التغير ناتجا عنه تحجيمها أو إيقافها مؤقتاً.