عبد الرحمن بن محمد السدحان
* قيلَ ما قيِل، وكُتبَ ما كُتب، وسمعتُ ما سمعتُ نقدًا مرةً، وإطراءً كرةً أخرى، لكتابي (البكْر) (قطرات من سحائب الذكرى) الذي رأى النور قبل نحو أربع سنوات (من إصدارات مكتبة العبيكان) بمدينة الرياض.
***
* وقد حاولت من خلال ذلك الكتاب الذي يقع في (365 صفحة) أن أعودَ بالذاكرة إلى محطات مهمة في حياتي، بدْءًا بطفولتي التي لم يدعها المرض تنموُ كما ينمو الأسوياء من البشر، وظللتُ أسيرًا له زمنًا طويلاً.. حتى كتب الله لي الشفاء!
***
* كنتُ يومئذ أقيم في منزل جدي الحنون، (لأمي) رحمهما الله وأرضاهما. ولن أمضي في وصف تلك الفترة الحرجة في حياتي، فقد عوّضني ربُّ العزة والجلال عبر السنين التالية ما أنساني شقاءَ تلك المرحلة، شقاءً يشبه الحرمان من حنان الأم التي اقترنت برجل فاضل في أبها وكنت أزورها مرةً كل أسبوع أو نحوه، فتغرب شمسُ الشقاء ولو إلى حين!
***
* مضَت الأيام والشهور والسنون، وأنا أحاول شقَّ طريقٍ آمن لي في الحياة، متوكلاً على الله، متنقلاً بين أبها فالطائف فمكة المكرمة.. ثم جدة حيث التحقت فيها بمدرسة الفلاح الابتدائية الشهيرة.
***
* وقد انتهى بي الحِلُّ والترحال في مدينة الرياض لأنالَ بها شهادات الابتدائية والمتوسطة والثانوية بتفوق عبْر عناء طويل، ومنها رحلتُ إلى أمريكا مبتعثًا إلى جامعة جنوب كاليفورنيا بمدينة لوس أنجلوس حيث أنهيت بها المرحلة الجامعية والعُليا متخصِّصًا في (الإدارة العامة) ثم عدت إلى الوطن الغالي لأُلقِيَ عصا الترحال في الرياض مستقرًا مع أبي رحمه الله.
***
* أعود بإيجاز سريع إلى كتابي آنف الذكر، الذي حوى عرضًا لسيرتي الذاتية، بدْءًا من حضن الطفولة في قرية مشيّع في عسير، ثم عملتُ فترةً من الزمن (راعيًا) لغنم جدّي لأمي في الجبال والسهول القريبة من مقر إقامتي، من بعد شروق الشمس حتى قُبيل الغروب، وكنت وقتئذٍ في سن السابعة تقريبًا... وأحيانًا، كنتُ أنضمُّ إلى جدّي الحنون في سُقْيا الزرع أو العمل سائسًا للثوريْن في اجتلاب الماء من البئر المجاورة للمزرعة لريّ الحقول وأشجار الفاكهة. وكنت أجد في هذا النشاط قدْرًا من المتعة والثقة بالنفس، والحمد لله من قبل ومن بعد!
***
اعتراف بالفضل.. بعد الله:
* كثيرون ممّن عاصرُوا سيرتي الأولى (فلاحًا) في مزرعة جدي لأمي رحمهما الله في ضحى طفولتي. هؤلاء أدينُ لهم بالفضل (بعد الله).. من بينهم:
* سيدتي الوالدة طيب الله ثراها، التي ضخّتْ في قلبي جداول وأنهارًا من حنانها الإنساني. أَنسَاني بعضًا من مرارة الأمس!
* ثم أبي وتاج رأسي رحمه الله، الذي قَوَّم بحنانه وحزمه مسَار حياتي، ونَمَوْتُ في ظله سنينًا حتى أدركت مرحلة الابتعاث إلى أمريكا للدراسة الجامعية والعليا.
* ثم زوجتي وغيمة الحنان في حياتي وما برحت: حبًّا وحنَانًا وأزْرًا!