محمد بن عبدالله آل شملان

نظمت هيئة السياحة بالتعاون مع شركائها، يوم الأربعاء 23 فبراير 2022م، في وادي نمار، تظاهرة كرنفالية كبيرة في حب الوطن احتفالاً «بيوم التأسيس» للمملكة، تضمنت التظاهرة أوبريت «مسيرة البداية» التي اكتست بألوان علم المملكة على طول وادي نمار وبحيرته، التي شهدت حضوراً وتفاعلاً كبيرين من قبل الجماهير التي تابعت الاحتفالية بحب وفرحة وشغف، وجرى نقلها التلفزيوني في بث حي ومباشر على القنوات الفضائية.

رعى الفعالية صاحب السمو الملكي الأمير فيصل بن بندر بن عبدالعزيز أمير منطقة الرياض بحضور معالي وزير التجارة وزير الإعلام المكلف الدكتور ماجد بن عبدالله القصبي، وصاحب السمو الأمير فيصل بن عبدالعزيز بن عيّاف أمين منطقة الرياض، والرئيس التنفيذي عضو مجلس إدارة الهيئة السعودية للسياحة فهد حميد الدين، وجمع كبير من المسؤولين.

وادي نمار.. والتاريخ

في يوم الاثنين 20 ربيع الآخر 1431هـ أطلق خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود ـ أيده الله ـ أعمال تطوير وتأهيل وادي حنيفة، وتطورت مسيرة الاهتمام عبر أكثر من أربعة عقود متواصلة، ليصبح علامة بارزة للوطن عامة ولمدينة الرياض خاصة.

وحمل هذا الاهتمام تكويناً تاريخياً إبداعياً يظهر فيه ارتباط وادي حنيفة، الذي له علاقة بتأسيس هذا الوطن، حيث كانت تستقر على ضفافه قبيلة بني حنيفة، وهي العلاقة المتممة بارتباط تأسيس الدولة السعودية بالإمام محمد بن سعود، وارتباط التأسيس أيضاً بالعاصمة الدرعية غربي الرياض.

ويشكل «وادي نمار» واحداً من الروافد الطبيعية المتصلة بوادي حنيفة، الذي يستفيد منه أبناء منطقة الرياض، ويمثل وجهة سياحية متفردة للأفراد وللعائلات.

به انطلقنا.. وبه نواصل المسير..؟

اعتادت الأمم والشعوب التي قُدّر لها أن تستعمر لزمن طال أو قصر أن تحتفل بيوم استقلالها وأن تجعل منه عيداً قومياً لأبنائها؛ باعتباره يوم الخلاص من المستعمر ونقطة العبور الحقيقية لاسترداد الإرادة الحرة لبناء حاضرها ومستقبلها.

ولقد شاءت إرادة الله، أن تنأى بهذا الوطن عن أن تمتد له يد المستعمرين، ليخرج من قلب صحرائه الواسعة الشاسعة رجل يقوده إلى أعظم أيامها وأبرها هو يوم تأسيسه، الذي يتخطى بمفهومه ومغزاه معنى التأسيس إلى ما هو أكبر وأعظم.

كان الرجل هو الإمام محمد بن سعود بن مقرن - رحمه الله -، وكان الزمان هو 22 فبراير 1227م بصروفه وظروفه وصعابه.

ورغم كل ما قاساه وعاناه الرجل والقائد الإمام محمد، فقد تحقق حلمه وحلم الملايين في كيان واحد، ووطن واحد، عزيز بعقيدته، وفخور بإنجازه.

لقد كانت مكاسب وحدة هذا الوطن كبيرة على كل أبنائه، كانت أمناً ورخاء، كانت بناءً وتقدماً، كانت تطوراً وازدهارا، فمن رأى هذا الوطن في البدايات وكيف كان، لا يصدق ما يراه اليوم.

ولقد رعى التأسيس الذي صنعه الإمام محمد بن سعود بجهاده وصبره ودأبه وتأنيه وحلمه وأخلاقه وكرمه، من بعده فكان الإمام تركي بن عبدالله بن محمد آل سعود مؤسس الدولة السعودية الثانية ثم الملك عبدالعزيز بن عبد الرحمن آل سعود مؤسس الدولة السعودية الثالثة وأبناؤه من بعده ـ رحمهم الله ـ، ليستلم أمانة التأسيس في هذا العهد الزاهر خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود في ظل متابعة عضيده صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز آل سعود ـ حفظهما الله ـ هذا العهد الذي أضاف إلى صروح الوطن صروحاً، وإلى أمجاده أمجاداً، وما زالا يعطيان من روحهما وفكرهما وطموحهما.

القصة.. في عشر لوحات

بدأ العمل بالنشيد الوطني السعودي، وفي اللوحة الأولى «صوت الأرض» تم تجسيد ألم ومعاناة وشكوى الأرض «بصوتها» عبر الموال، قبل مجيء الجد مانع إليها، وقدمت اللوحة الثانية «ما قبل مانع» معاناة الناس في ظل ظروف السلب والنهب والقتل، وجسدت اللوحة الثالثة «وصول مانع المريدي» مشاعر البهجة والسرور على وجوه الناس مترجمة بالأجواء الاحتفالية والتفاؤل بوصول مانع المريدي، وفي اللوحة الرابعة «انعدام الاستقرار»صوّرت صراعات قبائل شبه الجزيرة العربية التي كانت تعاني من التفكك السياسي وعدم استقرار مما أدى لتفرق الكلمة والوحدة، تمهيداً للتغير الذي سيحصل بمجرد دخول الإمام المؤسس، وأظهرت اللوحة الخامسة «المؤسس محمد بن سعود» هيبة الإمام محمد بن سعود واحترام الناس له ويتضح ذلك في مشهد دخوله المهيب على أرض المعركة بكل شموخ وكلا الطرفين المتحاربين يتوقفان مباشرة احتراماً له ثم يلقي خطبته المؤثرة، وقدمت لوحة «رايات التوحيد» الرايات للدول السعودية الثلاث لترسخ عمق التاريخ السعودي في مشاهد أثارت الفخر في نفوس الحاضرين والمشاهدين، كما افتخر أوبريت «مسيرة التأسيس» عبر لوحته السابعة «سيدات العز» بدور السيدة السعودية الكبير في بناء أساس الدولة وهم رجال المستقبل عبر «خطبة» محفزة للسيدات وحثهن على دعم هذه المسيرة المباركة، وفي لوحة «الحاضر والماضي» مفهوم المبادئ الثابتة لدى الدول السعودية الثلاث عبر حوار درامي غنائي بين الأجيال المختلفة، أما اللوحة التاسعة «سيرة سعودية» فقد أبرزت التلاحم والوحدة بين أبناء المملكة ومدى محبتهم وولائهم للقيادة الكريمة.

واختتم الأوبريت بالأداء الحي للعرضة السعودية عبر لوحة «عرضة الفريس» التي أشعلت أحاسيس العزة والفخر والانتماء لدى المواطنين الحاضرين والمشاهدين.

خلال اللوحات المختلفة، بمشاركة 3500 مؤد، تنوعت الفرق الأدائية في تصوير التنوع في الأزياء والفلكلورات الشعبية، وجسدت العروض أجواء الأصالة التي تبلورت في كنفها حكمة ورؤية المؤسس محمد بن سعود، وما بعده من مراحل التي عاصرت فيها الدولة السعودية صنوفاً من التطور والازدهار.

الشعر والتلحين.. يتشرّفان

مبتهجٌ هذا الوطن الذي يروي قصّته شاعرين ممّن شهدا مكتسبات إشراقته على الحياة، وممّن تحتفظ ذاكرتهما بالتفاصيل الدقيقة التي كانت مُلهمة للأجيال، ووطننا الكبير (المملكة العربية السعودية) واحد من هذه الدول، حين كان محظوظاً بالراوية الذي لا ينسى تفاصيل الحكاية، ولا يكتفي بسردها فقط، بل لا بدّ من منح الصبغة الأدبية عليها بحكم موهبتهما الشعرية، وها هم شاعرَي أوبريت «مسيرة البداية» فهد المساعد، وخلف الخلف، قد أخذا على عواتقهما منذ فترة ليست بالقصيرة تدوين تاريخ الوطن بكلمات وحروف من عشق ووفاء واعتزاز وفخر، بحيث يغرسان في الوجدان والإحساس الوطني كل القِيَم الرفيعة التي يستحقها وطننا العظيم كوطن نعشقه ونفتخر به، ليكون صاحبَي الموهبة والإبداع هما ضميرا الوطن المعجبان بلوحته الزاهية، والناقشان إعجابهما على صخرة مجد تاريخ هذا الوطن الخالد، فطوبى للوطن بهذين الشاعرين اللذين تفرّست فيهما الجهة المنظمة لهذه الفعالية كل معالم الوطنية، اللذين سكبا لنا في أوبريت «مسيرة البداية» كؤوساً مليئة بسلسبيل الشعر وعذب الكلام.

وقدَّم لوحات الأوبريت العشر بصوت الفنانين محمد عبده، عبد المجيد عبدالله، راشد الفارس، إسماعيل مبارك، عايض يوسف، زينة عماد، وأسهم في الألحان سهم، الذي ضرب على وتر العمق التراثي لوطنه، فسار على خط الجمل اللحنية الموسيقي الهادئة حيناً والحماسية حيناً آخر التي ألهبت المشاعر ونهضت بالهمم.

* * *

نص الأوبريت

وجهي تشقق محل

ما عندي ما امدّه

تاقت عروقي وصل

واصيح من مدّه

وين السحاب الفحل

اطرافي ممتده

شاب الشعر والخصل

اتطيح من كدّه

يا لله بعلمٍ نصل

ما ينثلم حدّه

يجهل على من جهل

والذاهب يردّه

مثل ما للشمس حزات ومطالع

للثقيلات المريدي الحر مانع

طالعن من شرق معه النور طالع

يطرد الريح المحمل من مهبه

نوخ ركابه على وادي حنيفه

وارتفع له صوت ابن درع ولفيفه

بالتراحيب المسماة الشفيفه

مرحبا بك ما طلع صبح وتنبه

يا ناشد الوادي عليه

تاريخ خطاف البصر

محمد بن سعود فيه

في كل قاعٍ له اثر

عدوانه وتحت اخمصيه

ولحلمه وساق العمر

ومن عقدها حاجبيه

عقد بحرها بالبحر

الرايه الاولى بيديه

رفرف بها تيه وفخر

كفخ بها عدم الشبيه

ولا كفخ مثله صقر

العز دربٍ ويعديه

ما يترك بدربه شبر

يا يحوربه ولاّ يحديه

ما غيره لصدره صدر

حنا عياله من حديه

صلبه ونسلٍ من فكر

عاشوا في نواحيك

ماتوا عن نواحيك

ضافي العز بك حيك

بشت على بلادي

راية بدل راية

رفرافها حكاية

والغاية الغاية

توحيد وحماية

أما تجي تسليم

ولا تجي رماية

الأولى وارتزّت

والثانيه فزّت

والثالثه عزّت

بإذن الله الهادي

والوادي والوادي

طمن لها اكتوفه

والسارية قامت

تقامز على اكتوفه

أرواها بالشده

واسقاها من جوفه

عادتها من قامت

وظلالها وارف

مثل النخل قامت

لاهلها والطارف

أحد وقاه بظل

واحد لها خارف

عادتها من قامت

ما تتنكس مرة

عن الوطى شامت

راية وطن حرة

علِّ صوتك.. سمّع اللي ما سمع

مالنا عن غاليه والله غناة

غالية هي نصف هذا المجتمع

والقلوب أنصافها للغالية

تحت ظل إخوان نورة نجتمع

كلنا أخوة.. وعزوتنا خوات

عز نوره عزنا قدر وطلب

نورها بين الدروب المظلمات

العمل والعلم لا منه نفع

ما يفرق بين شبان وبنات

شمسها اشرق ونورها صبح وطلب

همة عليا وعين ما تنام

بيرقٍ خفاق رفرف وارتفع

دامه الله في علو وفي ثبات

«النساء برقٍ على بلادي لمع»

والبلاد ترحب بنصف الحياة

من وين هذا الصوت

من وين هذا الصوت

من طيورٍ حرّكت سعف النخيل

من هبوبٍ ساريه بطراف ليل

أو غشانا البارحة نطاح سيل

أو عقب المطر صبت مرازيم البيوت

من وين هذا الصوت

من وين هذا الصوت

همهمت فرّيس ولّا دبك خيل

سمرةٍ قامت على طوح الفتيل

صفها صفوت هل العارض تشيل

من عرضة العالي أبو تركي بيوت

مني عليكم ياهل العوجا سلام

واختص أبو تركي عمى عين الحريب

وأضرب على الكايد ولا تسمع كلام

العز بالقلطات والراي الصليب

يا ديرتي واللي مضى

كان الفضا ديجور

من طاول حدود الرضا

وأومى بشعلة نور

من أوقدك يالنور

من أوقدك يالنور

النور نور بلادي

اليوم يوم اعيادي

حنا سمعناه ينادي

جينا نلبي امره

غنوا على رايتنا

عطا هي ديرتنا

يا حلمنا وغايتنا

اليوم وأمس وبكرة

أهلي وطنا عالي

من اول ومن تالي

سلمان ابونا الغالي

يا رب طول عمره

نور من عنان السما يا حيه

قلبه سعودي والدما سعوديه

براقٍ الليلة هما في ضيه

عشق ومحبة وانتما وهاويه

يا من يخبّر من بنو هالسور

يا من يبشرهم عن اللي صار

نقوشهم يوم السنين البور

صارت معالم خالدة وآثار

حصون وامجاد وتر وقصور

تبقى على صدر الزمن تذكار

ساس البلد ما نتركه مهجور

تقفي عليه وتقبل الزوار

ودايم منها يشع النور

تطوي الزمان وتلفت الأنظار

مشرّع ما كنّها الا اسطور

أهل السعودية حصون الدار

وطن ياما عن أمجادك قرينا

وكتبنا المجد لأجيال تلينا

في اوفى شعب واكرم ارض دولة

لنا حكامنا ومنا وفينا

يأسس جد ويجدد حفيده

حفيدٍ لاح برقه وارتوينا

بناها محمد بن سعود دولة

بدى منها فخرنا وارتوينا

ترى ما طافها عز ومهابة

عزوم لا تكل ولا تلينا

لو غابت بترجع مثل ماهي

تغيب الشمس في الغيم وتبينا

وطلع من موكر آل سعود

تركي بن عبدالله ونعم اليمينا

شهر سيفه ورد المجد الاول

وتوالى المجد حينا بعد حينا

إلى نجران على الدنيا معزّي

بشارة خير ترقب ها لسنينا

إلين أشرق على الدنيا معزّي

بشارة خير ترقبه السنينا

سرى من شرق واليمه عظيمه

على داره يسامره الحنينا

تعزوى بحكمة الدانة ورده

تعلّى في سمانا واعتلينا

نهض سلمان للعليا ونهضنا

وبايعناه بمحبة وانتمينا

ما دامه حي للنجمة تصيره

تعزوينا على النجم وسرينا

معه من وين ما وجّه نوجّه

على مكره ومنشط ماحيينا

رأى محمد بن سلمان رؤية

حيَت منها جوارحنا وجينا

نشوف أحلام شعبه في عيونه

مشى لباكر وشفناه ومشينا

نسوق أرواحنا لا من تجهّم

وإلى منه رضى محمد رضينا

سعوديين والتاريخ يشهد

بأن المفخره منا والينا

سعوديين ما نرضى المهونه

ولا نخطي ولا يخطا علينا

عرضة الفرّيس بالصوت شلها

ألعبوا يا اهل السيوف الشطيرة

السعودي عادته ما جهلها

والسنين الاوله والاخيره

دارك درب المعالي وصلها

سل سيف المرجلة من جفيره

يوم عز الدار من عز أهلها

نحمد اللي عز شعب وديره

يا ملكنا بالخطوب وجللها

يا زبون الكايده والعسيره

العرب بشعوبها وبدولها

مالها يا كود سيرتك سيرة

رايك اللي اليوم مالك عدلها

يا حكيم المملكة والجزيرة

سيدي منّك وفا نرتجلها

أمرك أمرك جعل في الأمر خيرة