سلمان إبراهيم الحوطي
كبح الغزو الروسي لأوكرانيا فرص انتعاش الاقتصاد العالمي المتأثر أصلا من جائحة وباء كورونا وفق تحليل صحيفة «Financial Times».
وهز الغزو الروسي على أوكرانيا الذي بدأ من 20 فبراير الماضي الأسواق المالية ومن المقرر أن تؤدي التوترات الجيوسياسية المتزايدة إلى تفاقم التضخم المرتفع واختناقات سلاسل التوريد حسب ما ذكرت الصحيفة.
وقال خبراء اقتصاديون إن الآثار المباشرة لانخفاض التجارة مع روسيا والعقوبات الاقتصادية المفروضة على موسكو من قبل الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد الأوروبي من المرجح أن تؤثر في ثقة الأعمال التجارية والمستهلكين والأسواق العالمية.
ويمكن أن تراوح هذه التداعيات من «محدودة نسبياً» إلى «خطيرة للغاية» حيث تؤكد الصحيفة بأنه «إذا استمرت أسعار الطاقة في الارتفاع قد يؤدي ذلك بسهولة إلى دفع الاقتصاد العالمي إلى الركود الثاني في غضون ثلاث سنوات».
ويُشار إلى أن العقوبات المالية التي فُرضت على روسيا تهدف خصوصاً إلى الحدّ من قدرتها على الاقتراض، وبناء على الحرب القائمة الآن ستفرض العقوبات الجديدة على روسيا الوضع الاقتصادي وهذا ما سيجعل المستثمرون الأمريكيون تحديداً غير قادرين من شراء سندات الدين الروسية الصادرة بعد الأول من مارس الجاري وسيكون أيضا مستحيلا بالنسبة لروسيا الوصول إلى الأسواق المالية الأوروبية لإعادة تمويل دينها.
وستمنع بعض الدول إصدار سندات الحكومة الروسية وكذلك تداولها في السوق الثانوي بينما لا تزال الأهداف المحددة من طرف الرئيس الروسي فلاديمير بوتين من حربه مع أوكرانيا مجهولة، لذلك افترض خبراء أن تراوح سيناريوهات النزاع من تغيير الحكومة في كييف لتصبح تابعة لحكومة لموسكو في محاولة شاملة لإعادة رسم الحدود الدولية لأوروبا وخارجها.
لذلك، يرى كبير الاقتصاديين في بنك Berenberg هولغر شميدنغ في تصريحه لإحدى الصحف: أن أول شيء يجب مراعاته لمعرفة «درجة سوء هذا الوضع» هو «ما مدى سوء الحرب؟» إذ هذا المعطى الذي سيحدد الاستجابة المحتملة في أسواق المال والطاقة في الأيام المقبلة.
وأشار تيم آش الاقتصادي في BlueBay Asset Management بأن الصين على سبيل المثال أبدت استعدادها لمساعدة روسيا في إدارة التداعيات المالية لأعمالها العسكرية.
في المقابل تراجعت الأسواق المالية العالمية الرائدة بشكل حاد مؤخراً لكن النتيجة كان من الممكن أن تكون أكثر ضررا، مما يشير إلى عنصر المفاجأة الذي انتهجه بوتين لكنها «ليست حتى الآن أشد الصدمات على السوق» بإجماع الخبراء الاقتصاديين.
من جهتها بدأت أسعار النفط تستقر بعد ارتفاعها الحاد قبل نحو أسبوع أو أكثر وتراجعت أسعار القمح في التعاملات الأوروبية غداة سعر قياسي عند الاقفال كذلك فيما تعد روسيا وأوكرانيا من أكبر منتجي القمح في العالم بينما واصلت أسعار الذرة ارتفاعها الكبير وسجلت البورصات الأوروبية تحسنا في بداية جلساتها بعدما بلغت خسائرها نحو 4 في المائة.
يذُكر أن العملية العسكرية الروسية انطلقت في 24 فبراير2022 بعد أيام من اعتراف موسكو باستقلال منطقتي دوغانتسيك ولوغانسك الانفصاليتين في الشرق الأوكراني وذلك بعد أشهر من التوتر المتصاعد بين الكرملين والغرب.
أخيراً وهذا رأيي الشخصي المتواضع هو أن أوكرانيا التي تبلغ مساحتها نحو 603.550 كم² بعدد سكان يصل إلى حوالي 42 مليون نسمة وبناتج محلي بلغ نحو 200 مليار دولار في عام 2021 تعيش حالة من الضعف الاقتصادي على الرغم من إمكانياتها الهائلة اقتصاديا والسبب هو أنها بعد الاستقلال عن الاتحاد السوفييتي السابق لم تستطع استغلال مواردها الطبيعية بشكل صائب كذلك استنزافها في الأزمات المتتالية مع موسكو.
** **
- باحث أكاديمي في المجال الاقتصادي وكاتب صحفي بمملكة البحرين