د. أبو أوس إبراهيم الشمسان
4 - محمد سعيد بن محمد جان بن أحمد الأفغاني (من سورية):
وهو العلَّامة النحويٌّ المحقِّق، صاحب منهج متميِّز في البحث والتدريس. ولد الأستاذ سعيد الأفغاني بدمشق سنة 1327هـ/ 1909م لوالد صالح لا يُتقن العربية، جاء من كشمير وسكَنَ دمشق، وتزوَّج بها من أسرة دمشقية، تعلَّم الأستاذ محمد سعيد في مدارس دمشق، ولازم حلقات علمائها، وتردَّد على مجالس القرَّاء وأهل الأدب، وفي هذه المجالس تعرَّف على الشيخ علي الطنطاوي. ولما أنشئت كلية الآداب بالجامعة السورية عُيِّن فيها أستاذًا مساعدًا، ثم أُرسل في تشرين الثاني عام 1946م إلى القاهرة للتحضير لدرجة الدكتوراه موفَدًا من وزارة المعارف، وسجل موضوع: «أدب الشام السياسي في العصر الأموي»، ولكنه لم يتابع العمل فيه، وعاد إلى دمشق منقطعًا لتدريس اللغة العربية في كلية الآداب، وتدرَّج في وظائفها حتى أصبح عميدًا لكلية الآداب من عام 1961 - 1963م، ثم عاد رئيسًا لقسم اللغة العربية ومدرِّس النحو وعلومه حتى أُحيل على التقاعد بتاريخ 31/12/1968م .
عمل في الجامعة اللبنانية سنة 1968 - 1971م، ووضع لطلابها كتبًا في قواعد اللغة العربية، ثم تعاقدت معه الجامعة الليبية في بنغازي، حيث بقي عدة سنوات أستاذًا ورئيسًا لقسم اللغة العربية 1972 - 1977م، وأخيرًا كانت آخر أعماله التدريسية في جامعة الملك سعود بالرياض سنة 1984م؛ وكان تشرفي بلقائه بعيد عودتي من البعثة صحبني أخي د.صالح الوهيبي إلى مكتبه، فقال وهو يقدمني إليه: «هذا من عتاة النحويين»، فالتفت إلينا وقال: «ما أظن ذلك»، قال د. الوهيبي، «ليس هذا من في ذهنك»، وكان الأستاذ الأفغاني خلط بيني وبين زميل آخر أهداه كتابًا فقلّبه وأنكر ما فيه من لحن، وصار رئيس لجنة النحو واللغة وأنا مقررها. بقي يدرِّس في قسمنا حتى بلغ الخامسة والسبعين، فعاد إلى دمشق. ثم سافر إلى ابنته في مكة المكرمة وبقي فيها حتى وفاته في 11 شوال 1417هـ.
شارك الأفغاني في أعمال المجامع اللغوية، وكتب بحوثًا في مجلاتها، وله اثنان وعشرون كتابًا مؤلفًا أو محققًا أو مراجعًا، من أهمها: (أسواق العرب في الجاهلية والإسلام)، و(في أصول النحو)، و(من تاريخ النحو)، وتحقيق كتابي «الإغراب في جدل الإعراب» و»لمع الأدلة» لابن الأنباري، وقد نشرا في مجلد واحد. وتحقيق «الإفصاح في شرح أبياتٍ مشكلة الإعراب» للحسن بن أسد الفارقي، و(حاضر اللغة العربية في الشام)، و(نظرات في اللغة عند ابن حزم)، و(الموجز في قواعد اللغة العربية وشواهدها)، وتحقيق (حجة القراءات) لأبي زرعة عبد الرحمن بن محمد بن زنجلة.
5 - جميل سعيد إبراهيم (من العراق):
التحق بكلية الآداب جامعة القاهرة عام 1939م، حصل على الليسانس ثم الماجستير 1945م برسالة (تطور الخمريات في الشعر العربي من الجاهلية إلى أبي نواس)، والدكتوراه 1947م. برسالة (الوصف في شعر العراق في القرنين الثالث والرابع الهجري). علم الأدب ونقده في كليات ومعاهد مختلفة في بلاد عربية وغربية، وكلف بوكالة كليات وعمادة أخرى، أسهم في مؤتمرات وندوات داخل العراق وخارجها في بلاد عربية وغربية، وهو عضو في بعض المجامع اللغوية، وله جملة من البحوث والدراسات في الأدب والنقد والبلاغة، نشرت في مجلات عراقية وعربية، أتقن الإنجليزية وبعض الفرنسية والتركية والفارسية واللاتينية.
حين عدت من البعثة عام 1985م. كان يعمل في القسم، ولم أحظ بمعرفته لاختلاف تخصصينا، فما كنت أراه إلا في مجلس القسم أو في لجنة عارضة أو في ضيافة أحد، ومع ذلك لا أنسى هيأته، فقد كان طويل القامة حسن الهندام قليل الكلام؛ ولكنه حين يتكلم لا تريده أن يسكت لحسن حديثه ورقة منطقه وروعة قرارات جمله، وهو مشهور بحفظ القصائد الطوال، كنا في مجلس فطلب أحد الحاضرين سماع قصيدة فجاء بها على طولها، وقيل عنه إنه يحفظ دواوين كاملة.
له عدد من الكتب المؤلفة والمحققة وترجم أعمالا مختلفة، فمن مؤلفاته (البيئة الجغرافية وأثرها في الأدب)، و(دروس في البلاغة وتطورها)، و(تاريخ الأدب العربي)، شاركه د. عبد الرزاق محيي الدين وأحمد حامد الشربتي، و(شعر الحرب عند العرب)، و(معجم لغات القبائل والأمصار) مع د. داود سلوم، و(نصوص النظرية النقدية في القرنين الثالث والرابع للهجرة - جمع وتبويب وتقديم) مع د. داود سلوم، و(نظرات في التيارات الأدبية الحديثة في العراق). ومن تحقيقاته هو ود. مصطفى جواد (الجامع الكبير في صناعة المنظوم من الكلام والمنثور - لابن الأثير)، وشارك محمد بهجة الأثري تحقيق (خريدة القصر وجريدة العصر - للعماد الأصبهاني)، و(الوشي المرقوم في حل المنظوم - لابن الأثير).
ومن ترجماته (الإله الكبير بروان - مسرحية ليوجين أونيل) و(آنا كريستي - ليوجين أونيل)، وشارك د. إبراهيم شريف تعريب (الحاج راكان وعرب الأهوار - لمـُلاتين)، و(مارك توين: حياته وأدبه - لفرانك يلتزا)، و(يوم ويوم - لشيرلي جاكسون).