الهادي التليلي
هل يحتاج العالم إلى حروب عالمية حتى يعدل ساعته الحضارية ويسوي تحديثات حول الدول التي تقدمت وغيرها التي تأخرت وتلك التي سارت في نسق يجعل منها محافظة على توازن، ولكن لاهي في الريادة ولا في المؤخرة، العالم تغير ويتغير منذ الحرب العالمية الثانية، وشعوب صارت أكثر حضارة من تلك التي كانت تعد من زمرة الدول الكبرى، تحولات حدثت في هذا العالم بمختلف قاراته وأحداث خيرت الجغرافيا، وساهمت في صنع تاريخ مغاير، ولكن هل تم التحديث في خارطة المشهد وكرتوغرافيته هل تحركت المشهدية لتقسيم العالم بين عالم أول متحضر ومكتمل النموذج وعالم ثالث يثابر نحو النماء ويفر من الفقر والتخلف.
منظمة الأمم المتحدة هي نفسها منذ إحداثها في 24 أكتوبر 1946بعد إقرار ميثاقها من الدول الخمسة الكبرى الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد السوفياتي السابق وفرنسا والصين وبريطانيا وأغلبية الموقعين الآخرين مع التغيرات التكتونية ومع التحولات الفارقة التي حدثت بقيت الأمم المتحدة هي نفسها بعيدة عن أهدافها النظرية والتي تعنى بالسلم العالمي وتجنب الحرب وربط الصلة والسلام بين الشعوب وقريبة أكثر من مصالح الدول المؤثرة فيها بما يعني أنها تذوب كل معانيها وقيمها البراقة لحظة تقاطع المصالح بين الدول المؤثرة التي ينعم بعضها بالفيتو وبعضها الآخر بالتأثير في القرار وهو ما يطرح سؤالا طالما أقر مضجع زعماء عرب وأفارقة وآسيويين حول مفهوم العدالة داخل هذه الهيئة الأممية الأكبر لأن اللوائح والقوانين الداخلية لهذه الهيئة زئبقية حينا وموضوعية حينا آخر بحسب الأطراف، موضوع التناول لذلك بالرغم من تواجدها وإجماع المجتمع الدولي حولها وقعت حروب كبرى مثل حرب البلقان والحروب العربية الإسرائيلية وحرب أمريكا والفيتنام وغيرها.
الدول المؤثرة والملقبة بصاحبة البيت في الأمم المتحدة يجمع النقاد على أن سياساتها أسهمت في إشعال فتائل حروب لا تنتهي فعوض الوقوف بحزم أمام التسلح النووي المهدد للبشرية نراها تسمح للبعض بامتلاكها وتمنع البعض الآخر وتمرر موافقة غير معلنة إرضاء لشعوبها وهي تمنع ظاهرا وخفية هي تغمض عينها اليمنى ولنا في التخاذل الدولي أمام السعي الإيراني لامتلاكها أكبر دليل.
وحتى الاتفاقيات العالمية بين المعسكرين الشرقي والغربي لخفض التسلح النووي يتأكد العالم يوما بعد يوم أنها مجرد مسرحية لتبرير احتكارها لهذه الأسلحة.
العالم وهو يشهد حراكا تنمويا ومثابرة جد قوية من بعض الشعوب التي تحولت اقتصاديا إلى قوى فاعلة ومعادلات وازنة ونعني بذلك كل من المملكة العربية السعودية وكندا وسويسرا وسنغافورا وماليزيا وغيرها هذه الدول أثبتت جائحة كورونا التي هي بمثابة حرب عالمية من حيث عدد الضحايا والآثار الاجتماعية والنفسية لدى الشعوب والأفراد أن هذه الدول وخاصة السعودية عبارة عن صمام أمان لإنقاذ البشرية في لحظة شهدت الأمم المتحدة من خلال منظمة الصحة العالمية وغيرها انتقادات حول الأداء والجدوى وحتى مجموعة العشرين لولا جهود السعودية وتضحياتها لكانت من بين ضحايا كورونا لا من مفاتيح حلولها.
منظمة الأمم المتحدة التي مع كل استحقاق كبير يهدد البشرية تجد نفسها أمام ضرورة إعادة النظر وتحديث نفسها والفاعلين فيها ولكن أمام ضغط أصحاب البيت تبقى الوضعية على ما هي عليه الأمر الذي يجعل منها متأخرة عن ركب الواقع والتاريخ ومن أسباب آلام الشعوب ولكن بحد الهزة الأكرانية التي لا تدري هذه المنظمة إلى أين سيؤول مسارها إلى الحرب أو السلم وجبت ثورة حقيقية داخل هذه المنظمة لكي تعدل أوتارها خدمة للبشرية وتعديل مقاييسها وإعادة ترتيب منطق الدول الفاعلة بشكل يفي لسنة 2022 لا 1946 وإعطاء لكل ذي حق حقه، إذ لا يعقل أن دولا فشلت تماما في إدارة كورونا وراحت تتسول لحل مشاكلها تكون سيدة قرار العالم ومن نجح باقتدار في تجاوز تحدياتها بل وساهم في إنقاذ البشرية حين اعتمد الغرب على مقولة الخلاص فردي خارج دائرة القرار الكوني وهو المؤثر الكوني الأول في الشدائد.