د.عبدالعزيز الجار الله
الحرب الروسية - الأوكرانية الحالية 2022م صنفت على أنها مقدمة للحرب العالمية الثالثة، وأيضا الحرب النووية المدمرة، فهي ليست كالحروب السابقة: في الشرق الأوسط، أو في أمريكا الجنوبية، أو في شرق آسيا، أو حروب إفريقيا. هي حرب شرسة بين قوى عالمية تجمع ما بين روسيا، وبين الاتحاد الأوروبي وبريطانيا وأمريكا أي حلف الناتو، بالإضافة إلى دول أوروبية من خارج الناتو، ودول تطالب الانضمام إلى الناتو، ويمكن دخول النزاع دول مثل الصين والهند وإيران وفنزويلا ليس عسكريًا إنما اقتصاديًا.
جميع الدول لا تريدها حربًا عالمية شاملة ولا حربًا نووية لأن الدمار سيكون أولا على الدول النووية، ثم ستصل الإشعاعات إلى معظم دول العالم، تجر وراءها الكوراث وتدمير البشر والشجر لا سمح الله، كما أن الحرب الاقتصادية على روسيا سيكون لها تبعات خطيرة على أوروبا وطبعا روسيا وربما الصين والهند ودول شرق آسيا وتمتد إلى الشرق الأوسط وحتى أمريكا، فالعقوبات الاقتصادية بهذه الكثافة والحجم والتنوع لن يكون مداها الحرب الأوكرانية، بل مرشحة لتبقى وتستمر لفترة طويلة ولأهداف وغايات بعيدة منها:
- تهدف لربما لحصار روسيا اقتصاديا لأطول وقت ممكن حتى تتحول روسيا إلى دولة كبرى غير مؤثرة في المقاييس العالمية.
- لإضعاف الحلف الصيني الروسي وجرهما إلى حرب اقتصادية طويلة.
- تعزيز التعاون الأوروبي الأمريكي، وتقوية حلف الناتو بالتعاون العسكري ودخول دول جديدة من شرق ومن شمال أوروبا.
- عودة روسيا إلى حدودها قبل حرب أوكرانيا عام 2022م، والتوقف عن جعل دول شرقي أوروبا دول تابعة لها أو تحت تأثيرها.
- محاولة تحويل روسيا إلى قوة حاجز ما بين الصين شرقًا، وبين أوروبا غربًا.
هذا الصرع لن تكون فيه روسيا كما كانت قبل الحرب، وبالمقابل لن تكون أوروبا هي نفسها قبل حرب أوكرانيا، فقد غيرت جميع الدول في تعاملاتها بعد حرب أوكرانيا عام 2022م ولا يمكن التكهن بما سيحدث في المنظور القريب وأيضا البعيد، لأن القراءات السياسية والاقتصادية تغيرت تماما، وسوف تتكشف نتائج جديدة في كسب المعركة وخسارة الحرب بين الطرفين، لأن الأوضاع في أوروبا وبهذه الصورة لم يحدث منذ نهاية الحرب العالمية الثانية عام 1945م، كما أن العالم لم يشهد مواجهات سياسية وعسكرية مثل ما يحدث الآن في دول أوروبا الشرقية، وانقسام العالم النووي والتهديد الفعلي باستخدام السلاح النووي، الذي لا يهدد أوروبا وحدها بل العالم.