محمد بن عبدالله آل شملان
للوطن عند السعوديين قصة ومشاعر لن تسعهم ترجمتها للعالم بحروفٍ وكلمات، قصة عشق خالدة وتاريخية ولدت بدواخلهم، منذ 304 سنة، منذ اللحظة التي ولدنا فيها نحن السعوديين كيدٍ واحدة وروح بالتأسيس والوحدة والتوحيد والرؤية نابضة منذ اللحظة التي ترابطت فيه الدولة الأولى والدولة الثانية والدولة الثالثة التي لا تزال تلمع وتسطع في سمائنا شكَّلت المملكة العربية السعودية، منذ تلك اللحظة في الثاني والعشرين من شهر فبراير، وينبض في دواخلنا عشق يعجز القلب عن الإفصاح عنه.
ولكننا تعلمنا تفسير هذا العشق بأسلوبنا الخاص منذ نعومة الأظفار، حين كنا نصطف في الطابور الصباحي في المدرسة، ويأتي بعده لحظة النشيد الوطني أمام العلم، كانت تخرج الكلمات من سويداء القلب يتسللها قشعريرة الولاء والانتماء، اللذين لا يمكن وصف لذتهما، النشيد الوطني الذي دوماً كان يمدنا بالطاقة التي تذكي فينا الإحساس بأنه بإمكاننا أن نبذل لهذا الوطن الغالي طاقاتنا خدمة له.
304 أعوام نبتهج بك ونتباهى بانتمائنا وولائنا لك، 304 أعوام وإرث الإمام محمد بن سعود بن مقرن ـ طيب الله ثراه ـ في علو وشموخ وأنفة أكثر من ذي قبل، 304 أعوام من المنجزات والنجاحات المحلية والإقليمية والعالمية، يحق لك يا وطننا أن تزدان بأجمل حُلتك، يحق لك كل هذا البهاء والفخر.
في الثاني والعشرين من شهر فبراير هذا العام 2022م شاهد العالم الصورة النموذجية في تكاتف وتعاضد قادة وشعب هذا الوطن، الثاني والعشرين من فبراير تأسيسنا، وإرثنا الذي ابتهجنا به اعتزازاً وإخلاصاً وولاء وانتماء.
الاهتمام بالتاريخ والقيم
القيادة الرشيدة ـ حفظها الله وأمدها بعونه وتوفيقه ـ تولي لتاريخ وطننا دعماً كبيراً، فهي دائماً تحتفي به وتتحدث عنه وتؤكد على ضرورة الاهتمام به والمحافظة عليه ونقله من جيل إلى جيل إلى جانب الحفاظ على هويته وقيمه التي تعتبرها موروثا له أهمية بالغة، لأنه تدرك أنها قيم عميقة مستدامة، لها تأثيرها في المستوى الفكري للفرد والمجتمع، ولاسيما مع تداخل الثقافات وانفتاح العالم، في العصر الحاضر.
وقد كان لها الأفكار والأطروحاتٍ والخطوات الجادة باتجاه المحافظة على تاريخ المملكة العربية السعودية وإبرازه، بدايةً بماضٍ دائماً ما كان مدعاةً لفخر أبناء هذا الوطن واعتزازهم، ومروراً بحاضرٍ مجيد يضاعف لديهم مشاعر الفخر والاعتزاز، ويدفعهم أخيراً لصياغة مستقبلٍ يليق بذاك الماضي العريق والحاضر المشرف.
هيئة السياحة تتألق
ها هي الهيئة السعودية للسياحة ـ بتوفيق الله ـ وبدعم القيادة الرشيدة، تصنع الفرحة في ذكرى التأسيس، بعد أن أصدر خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز أمره بأن يكون 22 فبراير من كل عام، يوماً لذكرى تأسيس الدولة السعودية ويصبح إجازة رسمية، تضاف لإجازة اليوم الوطنـي.
ذلك التأسيس الذي أصلح الأرض وعمر الزمن وجدد حياة الناس، لإعطاء التأمل حقه في تدارس الدوافع العظيمة التي حفزت، والمنهج القويم الذي هدى، والغايات الجليلة التي توخيت، والآثار الكبرى العميقة التي امتدت في المكان والزمان في داخل المملكة وخارجها.
وإن رجالاً مرموقين من أهل الاختصاص في وزارة الثقافة ودارة الملك عبدالعزيز والهيئة العامة للترفيه والجهات الحكومية الأخرى تظافرت جهودهم على خدمة هذه الآفاق، تقديرا منهم لمكانة تاريخ الدولة السعودية، ولمحتواها ومستواها وأثرها.
فلهؤلاء أعمق الشكر وأجزله وأوفاه.
والشكر كذلك لرجال الإعلام وللمؤثرين في وسائل التواصل الاجتماعي الذين حفَّزهم حسهم الفكري والتاريخي والسياسي والاجتماعي إلى العناية بالاحتفال بذكرى ذلك اليوم.
برامج وفعاليات
لقد تحرّك الاحتفال بذكرى يوم التأسيس في الأصول والأسس التي انبنى عليها تاريخ الدولة السعودية، ومنجزات الدولة السعودية وأعمالها وإصلاحاتها، وشخصية الإمام محمد بن سعود ـ رحمه الله ـ من حيث مواهبه ومكوناته التاريخية وخلقه وفضائله، وظروف الزمان والمكان وخصائص المجتمع حوله، والحديث عن واقع المملكة وحاضرها باعتبارهما امتداداً واسعاً ومعمقاً لتاريخ الإمام محمد بن سعود.
وتضمّنت قائمة الفعاليات التي أقيمت بهذه المناسبة التاريخية أكثر من 18 فعالية أقيمت في 14 مدينة سعودية، ومن أبرزها «مسيرة البداية» التي جسّدت مرحلة التأسيس في 10 مشاهد 2 استعراضية تعود إلى ثلاثة قرون مضت، بمشاركة 3500 مؤدٍّ مع خيولهم الأصيلة. كما تضمّنت الفعاليات «أوبريتا ملحميا» يستعرض لحظات وقصصا خالدة ارتبطت بيوم التأسيس، إضافة إلى «عروض الضوء» عبر مزيج مميز من الألعاب النارية وطيارات الدرونز، كما تضمّنت الفعاليات ورش عمل تفاعلية تحت عنوان «المجلس» بجانب الحوارات والنقاشات المثمرة التي عكست توثيق الجوانب الثقافية المرتبطة بمرحلة الدولة السعودية الأولى و»يوم بدينا»، وتطرّقت فعاليات «نجناج» استعراضاً للملبوسات والأزياء التقليدية السعودية، إلى جانب معرض فني وآخر مختص بالقهوة السعودية، ومجموعة من البرامج التي أخذتنا إلى جلَبَة الأسواق الشعبية وأصالتنا.
عهد وميثاق
وعن وطنية الشعب السعودي، هم أبناء المملكة العربية السعودية، وحبهم لوطنهم، سيحافظون على وطنهم بأرضه وتاريخه وأصالته وتراثه، سيكونون بالصورة النموذجية لأبناء الدولة السعودية التي سيمتثلون بها أمام العالم، حاملين اسم وطنهم بكل فخر، سيعطون حق الوطن ببذل جهودهم في تنميته وازدهاره إلى المستويات العالية في جميع المجالات، سيتعلمون وسيتغذون بالمعرفة، سيحمونه من كل طامع وعدو، سيموتون في سبيل أن يبقى وطنهم هكذا بشموخه رمزاً في التعاضد والمحبة والسلام، سيكون طموحهم «عنان السماء»، في ظل رؤية وطنهم الطموحة 2030.
رافعينها للسما بلا حاجز وحَدْ
بفضل الولي ما بها مِنّة لأحد
من بدينا وبِنا.. عزٍّ تأسّس وانبنى
ووطن على المجد تكاتف واتَّحد