عمر إبراهيم الرشيد
النقل عصب الاقتصاد كما هو معلوم، وحتى الإمبراطوريات القديمة عبر التاريخ عملت على تحديد الطرق للقوافل وتأمينها ورصفها، كي يكون السفر ونقل البضائع سلساً وآمناً فتزدهر البلاد وتنمو وتقوى اقتصادياً وسياسياً. ولقد شكلت السكك الحديدية بقطاراتها ثورة في قطاع النقل سواء للركاب أو البضائع منذ اختراع المحرك البخاري، وفي الثورة الصناعية التي انطلقت من إنجلترا وشملت أمريكا وباقي أوروبا ما يبين وبصورة جلية دور القطارات في تحول الاقتصاد العالمي والنمو الاجتماعي منذ تلك الفترة وحتى الآن، وان دخل بعد ذلك النقل الجوي، وأضاف نقلة أخرى كذلك.
حديثي هنا رسالة مفتوحة إلى الشركة السعودية للخطوط الحديدية (سار)، وهو ليس الأول بالمناسبة، إذ كتبت هنا عدة مرات عن هذا القطاع الحيوي. ولعلي أذكًر بما قلت من قبل بأن النقلة النوعية التي شهدها هذا القطاع مفخرة وطنية، فمحطات القطار التي أنشئت على أحدث المواصفات وبمستوى راق من المرافق والخدمات تضاهي مثيلاتها في العالم، والحديث نفسه ينطبق على القطارات ذاتها وتطورها ومستوى خدماتها. ولدي اقتراح أقدمه إلى (سار) إلى جانب تساؤل عن أمنية قديمة وباقية لدى الجمهور. وقبل الاقتراح أذكًر بالأمنية القديمة بأن يرى الجمهور قطارات أخرى هي من الأهمية بحيث ستشكل نقلة هائلة اقتصادية واجتماعية وسياحية، حين يتم مد السكة الحديدية من الرياض إلى المنطقة الغربية فيتم وصل الشرق بالغرب، على اعتبار وجود قطار الدمام - الرياض. ثم كذلك مد قطار الشمال إلى الجنوب، لتكون بذلك شبكة متكاملة يكملها لباقي المدن والمحافظات شبكة النقل البري، فيخف الضغط على النقل الجوي والبري ويزدهر هذا القطاع ومعه القطاع اللوجستي وقطاع الخدمات، وتتوافر فرص عمل للمواطنين مباشرة وغير مباشرة. وأعلم بأن الدراسات قد قدمت ولا تزال تقدم لمثل هذه الشبكة وكذلك ما بين دول مجلس التعاون، لكن الانتظار طال حقيقة ومرت عقود ضاعت معها وأهدرت موارد اقتصادية عظيمة، ولا ننسى بأن المملكة وبوجود الحرمين الشريفين فان قطاع النقل ومنه القطارات يشكل عصباً للاقتصاد في المملكة باعتبار موسمي الحج والعمرة وهي على مدار العام، لذا فان حركة السفر والنقل والشحن سوف تتعاظم، والمنافع الاجتماعية والاقتصادية ستمتد إلى دول مجلس التعاون وباقي الدول العربية المجاورة.
أما اقتراحي فلعله صادم للبعض وقبله بالنسبة لـ(سار) نفسها ربما، وهو أليس من الأجدى والواقعية تخصيص عربة للمدخنين في قطارات الشركة؟، وقبل أن تستغربوا اقتراحي هذا أقول أولا بأني لم ابتلى بهذه العادة ولله الحمد فلست من المدخنين، انما لا ننكر بأن نسبة المدخنين - من الجنسين - ليست بالنسبة القليلة، وبأن تجارة ومبيعات السجائر تسجل أرقاماً هائلة على مستوى العالم ومنها المملكة، بل إن مداخيل قطاع الجمارك من السجائر كبيرة جداً، إذا لماذا دفن الرؤوس في الرمال وإنكار الواقع؟!. وإذا علمنا بأن نسبة المدخنين بين السكان تقترب من 45 في المائة أو ربما تزيد، فان قطاع السكك الحديدة يخسر نسبة كبيرة من الجمهور، وهناك من يشكل القطار لهم وسيلة مريحة أكثر من أي وسيلة أخرى وبالذات كبار السن وذوو الاحتياجات الخاصة. ثم أن تخصيص عربة للمدخنين أيسر في القطار وبتقنيات تهوية سهلة، ولا بد من التذكير بأن منع التدخين في القطارات لن يشجع المدخن على ترك عادته، ولن يرده إذا ما كانت لديه الإرادة لترك عادته قطار أو طيارة. وزيادة الوعي بسبل ترك هذه العادة ونشر الإعلانات في عربة وغرفة المدخنين واقعية وبعد عن المثالية المصطنعة في رأيي المتواضع، وفق الله الجميع وإلى اللقاء.