د.شريف بن محمد الأتربي
وسط أجواء من السعادة والتفاؤل بالحدث والمكان؛ ومن قصر سلوى بالدرعية دشَّن معالي وزير التعليم الدكتور حمد بن محمد آل الشيخ مساء يوم الأحد 20 فبراير 2022 مسابقة مدرستي تبرمج المرحلة الأولى من نسختها الثانية.
لقد أحدثت المسابقة في نسختها الأولى دويًا هائلاً في المجتمع التعليمي داخليًا وخارجيًا، فأفرزت عن مشاركة 3.6 ملايين طالب وطالبة، وأكثر من 24 ألف مدرسة، بالإضافة إلى 360 ألف معلم ومعلمة، و40 ألف إداري، ومشاركة مجتمعية من أولياء الأمور وأفراد المجتمع تجاوزت 800 ألف مشاركة، كما بلغ عدد مرات الدخول على الموقع والتطبيق الخاص بالمسابقة أكثر من 11 مليوناً.
والتلعيب هو مصطلح جديد مشتق من كلمة Game أي اللعب أو اللعبة، كذلك يعرف باسم Lodification ويترجم عربياً بالتلعيب أو اللوعبة أو الألعاب التنافسية، وهو ترجمة للمصطلح الإنجليزي Gamification وهو «أخذ عناصر الألعاب ومبادئها الحيوية وإضفائها على مختلف مناحي الحياة من أجل الوصول إلى هدف أو مغزى قد يكون شخصياً وقد يكون عاماً».
وفي التعليم هو «إدماج عناصر الألعاب ومبادئها في نشاط تربوي أو وضعيات ديداتيكية من أجل الوصول إلى هدف تعلمي أو تحقيق كفاية خاصة أو مستعرضة».
وهو «إستراتيجية تعليمية تهتم بتطبيق عناصر اللعب في موقف غير ترفيهي؛ وذلك بهدف جعل العملية التعليمية أكثر متعة وتشويقاً، وزيادة دافعية التلاميذ نحو التعلم».
وفي المرحلة الثانية من «مسابقة مدرستي تبرمج» تهدف وزارة التعليم- بالتعاون مع شركتي مايكروسفت وأبل العالميتين- إلى تعزيز ثقافة البرمجة الحاسوبية، وتشجيع الإبداع والابتكار وإنتاج البرمجيات الحاسوبية لدى المجتمع التعليمي، وتنمية مهارات القرن 21 لدى الطلاب والطالبات في التعليم الحكومي والأهلي، والمدارس الأهلية التي تقدم البرامج الدولية، والمدارس السعودية في الخارج.
وتهتم مسابقة مدرستي تبرمج في مرحلتها الثانية بالمهارات المطلوبة لبرنامج تنمية القدرات البشرية، وربط المجتمع التعليمي بتاريخ تأسيس المملكة العربية السعودية ومستقبلها، وتأصيل القيم والمواطنة لديهم، وتعريفهم ومشاركتهم في تطوير مبادراتها ومشاريعها الرائدة، مثل: تطوير بوابة الدرعية، ومدينة المستقبل (نيوم)، وتشجيع إنتاج مصادر التعليم المفتوحة، وذلك تماشياً مع (رؤية المملكة 2030) في التحول إلى مجتمع المعرفة، وتقوم المسابقة بتوفير بيئة علمية إبداعية تنافسية، وتهيئ الطلاب والطالبات للمنافسة المحلية والدولية، وتساهم في المنظومة العالمية المعرفية؛ لتحقيق التنمية الوطنية المستدامة.
وقد انبثقت أهداف المسابقة من أهداف برنامج تنمية القدرات البشرية، حيث تعمل على تأصيل المواطنة والقيم لدى المجتمع التعليمي وربطهم بتاريخ تأسيس المملكة العربية السعودية ومستقبلها، واكتشاف المواهب الرقمية للمعلمين والمعلمات والطلاب والطالبات تمكنهم من المنافسة في مسابقات البرمجة العالمية، إكساب المعلمين والمعلمات آلية تطبيق التعليم بالترفيه أثناء العملية التعليمية، وتطوير المهارات الأساسية والمهارات المستقبلية، وتنمية المعارف في علوم البرمجة والتصميم الإبداعي، وتعليم أسس البرمجة لمراحل الطفولة المبكرة عبر التعلم الممتع، وإعداد طلاب المرحلة الثانوية لسوق العمل المستقبلي المحلي والعالمي في علوم البرمجة والتصميم الابتكاري، ودعم ثقافة الابتكار وريادة الأعمال لدى المجتمع التعليمي، وتأصيل المواطنة الرقمية لدى الطلاب والطالبات؛ تمهيدًا لصناعة جيل رقمي فعَّال، وصناعة المعرفة الرقمية من خلال المنتجات التي سيقدمها المشاركون في مجال البرمجة، والدروس التعليمية، والتصميم الابتكاري، والألعاب الرقمية، وتعزيز مشاركة الطلاب والطالبات المجتمعية بفعالية في معالجة قضايا العالم والمجتمع المحلي.
ومن أجل تحقيق هذه الأهداف؛ تم تقسيم المسابقة إلى مسارين للطلبة والمعلمين يضمان 5 مشاريع خصص منها مشروع للمعلمين والمعلمات، و4 مشاريع للطلاب والطالبات، وهي مقسمة على فترتي المسابقة.
وبما يتعلق بمشروع المعلمين فهو تصميم درس تفاعلي، حيث يصمم المعلم درس أو وحدة تعليمية باستخدام «ماين كرافت» التعليمية، مما يدعم التعلم بالمحاكاة، والتعلم القائم على اللعب ويعزز مهارات القرن الحادي والعشرين ومنهجية (STEAM) في بيئة افتراضية تعطي الطالب مساحة آمنة للإبداع والابتكار، ويتم إنتاج فيديو لشرح المشروع ويرفع الدرس على المنصة المعتمدة تمهيدا لعرض الدروس المتميزة على مكتبة الدروس الرقمية لإثراء المحتوى التعليمي الرقمي.
وفيما يتعلق بالطلاب والطالبات، ففي الفترة الأولى للمسابقة في مرحلتها الثانية يمكن للطلاب والطالبات المشاركة في مشروعين هما: مشروع تصميم هندسي مبتكر (مشروع مدينة نيوم انطلاقاً من مدينة الدرعية) يسافر الطالب والطالبة في رحلة افتراضية انطلاقًا من قصر سلوى في مدينة الدرعية التاريخية - حيث تأسست الدولة السعودية الأولى- إلى مدينة المستقبل نيوم، يقوم بتصميم الحلول الابتكارية، ويصمم مشروعًا يحقق التنمية المستدامة باستخدام تطبيق ماين كرافت التعليمي، ويتوافق مع (رؤية المملكة 2030)، وينتج فيديو لشرح المشروع يُرفع على المنصة المعتمدة. ومشروع تصميم تطبيق لابتكار حلول صديقة للبيئة، يحدد الطالب والطالبة التحديات البيئية المحلية أو العالمية المختلفة ويختار إحداها، ويبتكر حلولًا للتحدي صديقة للبيئة، وتحقق التنمية المستدامة من خلال التخطيط والتصميم لنموذج تفاعلي للتطبيق باستخدام رحلة شركة آبل للتصميم (Apple Journal prototype)، ويقيمونها باستخدام التطبيقات المعتمدة (Keynote, PowerPoint)، وينتج فيديو لشرح المشروع، ويرفع على المنصة المعتمدة.
وفي الفترة الثانية من المسابقة يخوض الطلاب والطالبات غمار التنافس بينهم في ثلاث مشاريع تشمل: مشروع تصميم قصص الخيال العلمي صديقة للبيئة باستخدام تطبيق Tynker، حيث يقوم الطالب أو الطالبة بإعداد قصة رسوم متحركة رقمية صديقة للبيئة والتنمية المستدامة باختيار حزم الترميز (Code) الصحيحة، وتركيبها لحل المشكلة، ويمكنهم تغيير الخلفيات والشخصيات لتتناسب مع أسلوب الحل، باستخدام الصفحة أو التطبيق المخصصة لمسابقة مدرستي تبرمج (2)، وينتج فيديو لشرح المشروع، ويرفع على المنصة المعتمدة.
والمشروع الثاني هو مشروع البرمجة بالتعلم الاستكشافي، باستخدام تطبيق Swift Playgrounds، حيث يقوم الطالب أو الطالبة بإدخال الرمز (Code) بلغة (Swift) الصحيحة لإعداد المركبة الفضائية للانطلاق والتعرف على الكواكب من المجموعة الشمسية، ويمكنه تخصيص الخلفيات والشخصيات والأصوات خلال رحلة الاستكشاف، وينتج فيديو لشرح المشروع، ويرفع على المنصة المعتمدة.
وثالث المشاريع هو مشروع تصميم لعبة رقمية، باستخدام تطبيق Microsoft MakeCode، حيث يصمم الطالب أو الطالبة لعبة رقمية ويبتكر مراحلها ومستوياتها، ويصمم واجهة اللعبة وما تحتويه من شخصيات وخلفيات ومؤثرات بصرية وصوتية بشكل إبداعي يخرجه عن كونه لاعبًا إلى كونه منتجاً ومصمماً للعبة، وينتج فيديو لشرح المشروع، ويُرفع على المنصة المعتمدة.
وقد وفرت الإدارة العامة للتعليم الإلكتروني والتعليم - الجهة المشرفة على المسابقة - العديد من التسهيلات والمساعدات للمعلمين والمعلمات، والطلبة والطالبات، للمشاركة في المسابقة، مثل: التدريب، وتوفير المصادر الإثرائية والنماذج، إلى جانب العديد من الجوائز المخصصة لإدارات التعليم، والمدارس إلى جانب الفائزين في المسابقة من الطلاب، والطالبات، والمعلمين، والمعلمات.
وختاماً، فإن المسابقات المدرسية التي يستخدم فيها إستراتيجية التلعيب لها تأثير مباشر على الميدان التربوي والمجتمع المعرفي لما فيها من تأثير على السمات الشخصية لدى الطلاب والطالبات، والمعلمين والمعلمات؛ حيث تستجيب لميولهم ورغباتهم وحاجاتهم النفسية والعلمية، وتؤثر أيضاً على اتجاهاتهم وتوجهاتهم، خاصة إذا كانت جزءاً من المقررات الدراسية التي يدرسونها.