د. ابراهيم بن عبدالرحمن التركي
** قبل عامين اتصلت بصاحبكم الأستاذة «الدكتورة قريبًا» أروى الحكمي، ولم يكن يعرفُها ولا شيئًا عنها، وعرضتْ عليه فكرة إعداد ملفٍ عن أستاذها الذي لا يعرف عنه كثيرًا، وكذا أهدته تلك المكالمةُ جهلين مؤسفين لم يزدهما ثالثًا بالاعتذارِ لقصورِ علمه، بل تمنّى لها التوفيق، ثم غابت طويلًا فكاد يأنسُ إلى تبريرِ جهله موقنًا أن طلبَها لم يكن أكثرَ من رغبةِ وفاءٍ غامرة اختُتمتْ بمهاتفةٍ عابرة.
** اختفى الصوتُ حتى صدئَ الصمتُ لولا رسالةٌ اعتذاريةٌ بلغته قريبًا من الأستاذة نفسها تُبلغُه أن الملفَّ اكتمل، وآن لبريده أن يستقبلَه، مبررةً التأخيرَ بالقدر والتقدير لعاملين؛ شخصيٍ أعقب وفاة والدها رحمه الله، وعمليٍ لبطء استجابةِ بعض المُستكتبين والمُستكتبات، وتوقعَ – لهذين العاملين وما سبقهما من افتراضٍ أنَويٍ – أن يُلفيَ ما بعثتْه أداءَ واجبٍ، أو إكمال التزام، غير أنها خيبتْ توقعاته ووجد ملفًا عامرًا لا عابرًا، ومحتفىً به ممتلئًا، ومشاركين ومشاركاتٍ تُفردُ لهم صدورُ الصحفِ والصفحات.
** اعتذر بنفسه لنفسه فلم يَبحْ بهواجسه لأحد، وأيقنَ بنظرةٍ يعتنقُها حول قيمة المُتوارِين الذين لا يأبهون بالنجوميةِ ولا التابعين، ويكفيهم أنْ يجدوا الظلَّ الجميلَ فيسكنوا في إحدى زواياه الهانئةِ واثقين بما قدّموه؛ صدقًا مهنيًّا، ورضًا ذاتيًا، واحتكامًا إلى المعاني لا المباني، وإلى الأفهام لا الأرقام.
** في مقالات هذا الملف بعضُ ما يكفي إعلامًا عن الدكتور محمد بن سليمان القسومي الذي التقى به صاحبكم مرةً أو مرتين، ويلتقي به اليوم معكم عشرين مرةً لتروا رجلَ علمٍ وتعاملٍ وأفضال، وكفى بها واجهةً لا تليقُ إلا بالأقلّين.
** الحقُّ لا يَخفى ولا يُخفى.