(لكل من اسمه نصيب)؛ فهل لكل ممن تسمّى باسمه نصيب أيضا؟!
هل كانت تسمية (محمد) من قبل والدي الدكتور محمد القسومي محض صدفة، أم أنهما عقدا النية قبيل ولادته بأن يقتدي بصفات خير البشر؛ فوجبت النية التي بشّر بها من تُسمي باسمه «إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى»!
عرفناه.. هيّنا ليّنا مع الصغير والكبير!
ألفناه.. كريما معطاء لمن عرف ولمن لم يعرف!
عهدناه.. ساعيا في حاجات الناس: المحسنين منهم إليه والمسيئين!
فمن قصده في خدمة.. لا يقف (دقيقة) ليفكر: هل يستحق أن أسديها إليه؛ لأنه في (ثانية) يقول: تم!
يعمل ذلك بنفس راضية لا ترجو جزاء أو شكورا؛ الأمر الذي يخال معه المرء أن أبياتا منذ مئات السنين قيلت فيه!
تعوّد بسط الكفّ حتى لو أنه
ثناها لقبض لم تطعه أنامله
تراه إذا ما جئته متهللاً
كأنك تعطيه الذي أنت سائله
هو البحر من أي النواحي أتيته
فلجّته المعروف والجود ساحله
ولو لم يكن في كفه غير روحه
لجاد بها فليتق الله سائله
(د. محمد القسومي) إذا ذُكر اسمه في المجالس سمعت الثناء العذب من ألسنة عدة: ما بين زملاء في القسم، وطلاب في الكلية، وموظفين في الجامعة.
ولو صمت المقال لتكلم الحال:
فعاجوا فأثنوا بالذي أنت أهله
ولو سكتوا، أثنت عليك الحقائب
نعم.. أثنت عليه كتبه المغادرة مكتبته إلى أكفّ أهل العلم، أثنت عليه خطط الماجستير والدكتوراه التي يعاون فيها طلاب الدراسات العليا، أثنت عليه أبواب مكاتب المسؤولين التي يطرقها سعيا في حاجات الناس، أثنى عليه قسم الأدب الذي كان يمكث فيه -وقت رئاسته- إلى آخر النهار، أثنت عليه قاعات الدرس التي تشهد بتبنيه للطلاب المتميزين واحتوائه للطلاب الضعيفين.
فهنيئا له التسنّن بأحبّ الأعمال عند الله وأعلاها وأزكاها، فعن ابن عمر -رضي الله عنه- قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
«أحبُّ الناسِ إلى الله أنفعُهم للناس وأحبُّ الأعمالِ إلى الله سُرُورٌ تُدْخِلُه على مسلم أو تَكْشِفُ عنه كُرْبَةً أو تَقْضِى عنه دَيْناً أو تَطْرُدُ عنه جُوعاً. ولأَنْ أمشىَ مع أخي المسلمِ في حاجةٍ أحبُّ إِلَىَّ من أن أعتكفَ في هذا المسجدِ شهرًا».
من يبلغ والديه.. بأن النية التي عقداها وجبت، وبأن الأمنية في تخلق أبي أمين ببعض أخلاق الهادي الأمين تحققت؟!
** **
د. هيفاء الفريح - قسم الأدب - جامعة الإمام