في قاعة دراسة مقرر الأدب السعودي التقيت بأستاذي الدكتور محمد القسومي، كان يحدثنا عن بدايات الأدب السعودي ومراحله التاريخية وبيئاته، ومن خلال عرضه الهادئ في قاعة الدرس، وحماسه في إبراز أهم مراحل الأدب السعودي وفنونه، وأنه لا يقل عن الآداب العربية في أقطارها المختلفة، تغيرت لدي ولدى جميع الطلاب النظرة المسبقة عن الأدب السعودي، وكان حماسه في عرض إنتاج الأدباء السعوديين ملهمًا لدراسة الأدب السعودي؛ مما دفعني للبحث في المقرر عن الأدب الحديث في حائل، كانت كلماته التحفيزية ملهمة ووافرة، وجهني للمصادر والمراجع المهمة والدافعة للنظر في الأدب السعودي الفصيح بحائل، ومن ثم التعرف على شخصية الأستاذ الملهمة والمحفزة بأسلوب يملؤه الأدب والاحترام.
وفي مقرر التحرير العربي كانت قضية الكتابة الصحيحة ينظر لها بأنها مهمة وضرورية، لكن مع الأستاذ يتضح للجميع ولعه وشغفه بالتحرير؛ لأنه يعشق الكتابة الصّحيحة السليمة ويؤمن بأهميتها وأهميّة معرفة الأساليب والصياغة الأدبية، ومعرفة استخدامات علامات الترقيم المتعددة بأماكنها الصحيحة داخل النص؛ مما أكسبه مهارة عظيمة في اكتشاف الأخطاء الإملائية، وتصويب الأساليب بشكل يجعل الطلاب يؤمنون بأهمية الكتابة الصحيحة وجمال الأسلوب الذي ينبع من شخصيته الجميلة الملتزمة.
كانت محاضراته سمة في الالتزام والدقة في عرض وجهات نظر الطلاب والاستماع لهم، ودافعة للبحث والنظر، وفي أثناء عملي معه عرفت عن الأستاذ اهتمامه وحرصه على الانضباط والالتزام؛ مما أكسب القسم في فترة ترؤسه العديد من الإنجازات؛ حيث وضع اللبنات الأولى لحصول القسم على جائزة المركز الأول للتميز في خدمة المجتمع بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، كما حصل على الإشادات العلمية لتميز مؤتمر الأدب في مواجهة الإرهاب في الأعمال الأدبيّة الذي قام بإدارته بنجاح، وكذا نجاحه الكبير لتميز مجلة قوافل الصادرة عن النادي الأدبي بالرياض الذي يترأس تحريرها.
وقد لمست التزامه وأدبه – أكثر – في أثناء عملي معه في مدونة قرارات اللغة العربية في المملكة العربية السعودية التي صدرت عن مركز الملك عبدالعزيز الدولي لخدمة اللغة العربية، والذي يُعنى بجمع قرارات اللغة العربية وتعاميمها وأنظمتها ولوائحها ورصدها على المستوى المحلي، بالتعاون والتواصل مع مختلف القطاعات في الوزارات والهيئات والمؤسسات المتعددة في المملكة العربية السعودية؛ حيث عرفت دقته وأسلوبه الجميل في التواصل مع فريق العمل وتنظيم المهام بشكل جميل يُشعر الجميع بأهميتهم وأهميّة أدوارهم؛ مما أكسب هذا العمل النجاح.
النماذج الناجحة التي تترك أثرًا طيبًا في الجميع دائمًا ما تكون بعيدةً عن التصنّع والمثالية المبالغة؛ لذلك فالدكتور محمد القسومي حفظه الله كانت تصرفاته نابعة عن سجيّة وطبع فطريٍّ، وأحاديثه يكسوها جمال أسلوبه السمح، وقد كان بالفعل متخلقًا بتخصصه (الأدب)، مع الجدية العلمية والالتزام الإداري الناجح.
** **
أ.أحمد الشمّري - قسم الأدب - جامعة الإمام