أ.د.عثمان بن صالح العامر
أذكر -قبل أكثر من عشر سنوات- أن أحد أعضاء الهيئة العلمية لكرسي الشيخ علي بن محمد الجميعة (رحمه الله) للتنمية المستدامة في المجتمعات الزراعية، التابع (لأمانة الكراسي البحثية والوقف العلمي) في جامعة حائل، أذكر أنه ذكر في أحد الاجتماعات - وهو أستاذ دكتور في جامعة الملك سعود ومتخصص في النحل - أن هناك دراسة علمية أثبتت أن أفضل عسل هو (عسل الطلح الحائلي)، واستغربت حينها من هذه المعلومة التي لم أسمعها من قبل، ولم تكن في دائرة المتوقع والمنتظر على الأقل عندي شخصياً، فأنا بعيد عن هذا المجال تماماً، (والجهل بالشيء ليس دليلا على عدم وجوده وصدقه)، وما هي إلا سنوات معدودة حتى صار الأستاذ (فهد القنون) - ما شاء الله تبارك الله - يحصد الجوائز، وينال الأوسمة، وينافس على العالمية في منتجه المتميز، (العسل الحائلي).
لست هنا في مقام الترويج لهذا المنتج، ولا سرد منجزات الأستاذ فهد، وبيان ما وصل إليه، وما حصل عليه محلياً وخليجياً بل دولياً، فالعسل الحائلي اليوم صار علامة فارقة مطلوب (غذاء ودواء). وهذه المعلومات عن هذا المنتج الحائلي ليست جديدة، وجزماً سمع عنها أو أنه قرأ وشاهد ما قيل فيها القارئ الكريم عبر وسائل الإعلام الجديد منها والقديم، ولكنني هنا أردت في هذا المقال أن أبين لكل شاب طموح، تواق للقمة، يرغب كتابة اسمه في سجل الإنجازات الوطنية، ما أعرفه شخصياً من أن خلف هذا المنجز الوطني المتميز جهد دائم، وعمل دؤوب، ومتابعة لصيقة، وقبل هذا وذاك شغف وعشق بدأت قصته من حديث عابر في جلسة مع زملاء مهنة التعليم، سرعان ما أصبح هذا الحديث عن (النحل والعسل) هاجساً دائماً وتفكيراً مستمراً، مما دفع القنون - كما يقول هو عن نفسه - للقراءة المتخصصة، وسبر أغوار هذا العالم العجيب (النحل) بعقلية المستثمر.
لم يكن الطريق للوصول إلى منصات التتويج، وهذه الشهرة لهذا المنتج النوعي المتميز مزروعاً بالورد والرياحين، سهلاً ميسراً، بل كان القنون وما زال يبيت الليالي الطوال عند مناحله، ويتنقل بها من مكان لآخر، يرقب الطقس، ويتعرف على التضاريس، والمناخ، ويدرس الاتجاهات، ويميز بين أنواع النباتات، وقد مر به مضايقات، ومنغصات، ومعوقات وتحديات، فصابر وصبر من أجل أن يكون اسمه بصمة تلتصق على الشفاه وينطق بها اللسان الذي تذوق عسله يوما ما.
إنني أسوق هذا الإنجاز ليكون في صنيع هذا النحال أنموذجاً حياً لشبابنا الذين يريدون أن يتعرفوا على معالم الطريق للوصول إلى عالم التميز والشهرة الحقيقية النافعة والفاعلة (ذاتياً ومجتمعياً ووطنياً) فها هو (فهد القنون) يحصل على المركز الأول لأفضل عسل متبلور في مسابقة الجمعية العربية لتربية النحل، ويكرم في دولة الإمارات العربية المتحدة، كما يكرم من لدن مقام صاحب السمو الملكي الأمير عبد العزيز بن سعد بن عبد العزيز أمير منطقة حائل، ويدعى من جهات علمية وأكاديمية ليحكي تجربته الشخصية في إنتاج العسل ويروي بنفسه قصة نجاحه منذ البداية وصولاً للقمة، من أجل أن يكون ما يقوله نبراساً ومثالاً لكل من كان جاداً ويفكر في إعلان ميلاد مشروعه الاستثماري الذي يريد له أن يتميز ويختلف عمّا هو في السوق، وفق الرب سبحانه وتعالى كل وطني مخلص استطاع أن يضع بصمة في جبين الوطن الغالي المملكة العربية السعودية، ودمت عزيزاً يا وطني، وإلى لقاء والسلام.