عثمان بن حمد أباالخيل
سعة الصدر لها معانٍ كثيرة ومنها التسامح والحلم، الصبر والجلد، الأناة وخفة الظل، الظرافة والمحبة وهكذا من المعاني المحببة للإنسان. والعامّة تقول: فلان صدره وِسِيع، أو وِسِيع صدِره والكثير من الناس يتمنون أن تكون صدورهم واسعة في عصر أصبحت الصدور فيها شبه ضيقة أو ضيقة. سعة الصدر صفة رائعة قلما تتوافر في كثيرٍ من الناس كما ذكرت حيث ضيقت أساليب الحياة ومشكلاتها وهمومها صدور الناس فباتت لا تتسع إلا للمشاحنات والخلافات وكدر الحياة وأزماتها وتقلبات أمزجة الناس.
(يا ضايق الصدر بالله وسع الخاطر
دنياك يا زين ما تستأهل الضيقة)
الشاعر الأمير خالد الفيصل.
حقاً الحياة جميلة لكن البعض يُضيّق صدور البعض لكي نعيش سعداء ومتفاعلين مع الغير، إيجابيين في الأخذ والعطاء والتعاطي مع من حولنا، لا بد أن تتسع صدورنا لتقبل آراء الجميع خاصة المخالفة لآرائنا، لسبب بسيط جداً هو أن الرأي المخالف لا يمكن أن يكون خاطئاً كله.
(خفض عليك من الهموم فإنما
يحظى براحة دهره من خفضا)
البحتري
«وسع صدرك» قاعدة غريبة بدأنا باتباعها عندما نريد الهروب من مواجهة أمر أو التجاوز عنه أو السكوت عليه حين نكون عاجزين التعامل مع الغير من حولنا لا أسباب نعرفها أو لا نعرفها، المشكلة أننا نوسع صدورنا على المخطئين الذين يظنون أنهم على حق وأنهم لا يخطئون، لكن البعض لا يوسعها بنفس الحجم مع المبدعين والمنتجين، غريبة جدا هذه التوجه غير المنصف بحق من يستحقون التقدير والتكريم ومن يستحقون أن نكتب أسماءهم على رمل الطريق. قد نتساءل هنا ونقول: لماذا يجب علينا أن نكون أصحاب آفاق واسعة، ولماذا يجب أن تكون صدورنا متسعة للكل؟ تساؤل مشروع يحتاج إلى التوقف بعض الشيء ونقرر أي الطرق نسلك فالحياة طرقها كثيرة ومختلفة في نهاياتها. (الهروب من مصدر الضيق أصعب من مواجهته دائما لذلك لا تتخذ الحل الأصعب أبدا). محمد حسن علوان.
جميل أن يكون هناك إنسان في حياتك عندما تحس بالتضايق والحسرة، فيقول لك «وسع صدرك» وما أكثر الذين يقولون هذا وصدورهم ضيقة. إن سعة الصدر والحلم هي إحدى صفات الرسول صلى الله عليه وسلم وأصحابه الذين كانوا يمتصون غضب بعضهم البعض بالكلمة الطيبة والابتسامة اللطيفة إنها أسوة حسنة وعلى أصحاب الصدور الضيقة أن تتسع صدورهم إلى الحد الذي لا يصغر من ألمه ونحن بحاجة إلى تطبيق سياسة «توسيع الصدر» فما علينا سوى أن نضع أعصابنا في ثلاجة تبرد أو تجمد مشاعرنا المتألمة من بعض الناس الذين يعيشون في دائرة اهتمامك.
للأسف حين يضيق صدرك وتعاتب الكثير ممن هم حولك ستجد نفسك وحيدًا وهذا مؤلم وهنا تظن نفسك مخطئاً وهم على صواب ومع عليك إلا أن تتأقلم مع ضيق الصدر الذي لا بد منه في زمن تغيرت فيه المفاهيم.
همسة:
(لا تغرد وحيدًا وسع صدرك بروح رياضية).