إنه يوم خالد في حياتنا لأنه كان نواة للدولة السعودية الحديثة، فالمملكة العربية السعودية لم تنهض بعد توفيق الله عز وجل إلا بجهاد الرجال الشجعان الأوائل الذين مهروا دماءهم رخيصة من أجل تأسيس كيان قوي يكون له شأن ومكانة عظيمة بين الدول فكانت المملكة العربية السعودية والتي لم تأت إلا بعزم الرجال الذين تجاوزوا التحديات الكبيرة التي واجهت مسيرتها المباركة، وما تشهده المملكة من نهضة شاملة في كل مجالات هو نتاج طبيعي لمجاهدات الأوائل من الرجال، ومن هؤلاء الرجال الإمام محمد بن سعود الذي أسس الدولة السعودية الأولى، بعد أن كان يأكل القوي فيها الضعيف، وقبائل متناحرة لا هم لها سوى القضاء على القبيلة الأخرى والاستيلاء على ممتلكاتها، ولم تكن لهذه القبائل أن تتوحد إلا تحت راية واحدة تقوم على أساس الدين والعدل، فكانت إرادة الإمام محمد بن سعود الذي كان يحلم بتأسيس دولة قوية تسهم في توحيد أطراف الجزيرة ويسود فيها حكم القانون، ووضع حد للفرقة والشتات والوقوف ضد أطماع أعداء الأمة وسعيهم للسيطرة على الجزيرة العربية والاستيلاء على ثرواتها فكانت الدولة السعودية الأولى العام 1139هـ، 1727م. والتي كانت منارة ورمزاً للبطولات، وإلهاماً لكل من يحلم بدولة رشيدة تعمر الأرض بقيم السماء والاستفادة من علوم العصر في البناء والتعمير والرفاهية.
وبعد أن استتب الأمر للإمام محمد بن سعود كرس وقته لنشر العلم والفضيلة والتمكين لدولة العلم التي تستلهم التقدم العلمي والتقني في النهوض بها، ثم سار على نهجه الملوك والأئمة الذين حكموا من بعده فأصبحت المملكة اليوم من الدول المتقدمة في شتى المجالات وأصبحت رقماً عالمياً لا يمكن الاستهانة بها.
وإيماناً وعرفاناً من خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان لمن قاموا وشيدوا هذا الكيان الذي نفاخر به الأمم فقد خصص يوم 22 من فبراير يوماً وطنياً لتذكير الأجيال الحديثة بتضحيات أجيال الآباء حيث صدر الأمر الملكي الكريم من خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود بأن يكون يوم 22 فبراير يوماً للتأسيس، وهو اليوم الذي يرمز إلى العمق التاريخي والحضاري والثقافي للمملكة العربية السعودية عندما أسس الإمام محمد بن سعود الدولة السعودية الأولى عام 1139هـ/ 1727م.
ونحن إذ نحتفل بهذا اليوم يجب أن نستلهم القيم والمبادئ التي ضحى من أجلها آباؤنا الأوائل ونجعلها نبراساً تقتدي بها الأجيال الحالية وهم يتطلعون إلى المستقبل الواعد والباهر في ظل حكومة خادم الحرمين الشريفين - أيده الله -، وفي الختام أتقدم لخادم الحرمين الشريفين سلمان بن عبدالعزيز آل سعود وولي عهده الأمين صاحب السمو الملكي الأميرمحمد بن سلمان بن عبد العزيز آل سعود بالشكر الجزيل على تخصيص هذا اليوم للاحتفال بيوم التأسيس لنتذكر جيل الآباء وبطولاتهم من أجل أن يكون لنا وطن يحمل قيم الإيمان ويتمتع أهله بالأمن والرفاهية.
** **
- عبدالعزيز بن محمد أبو عباة