فاطمة المتحمي
أعلن ولي العهد عن إطلاق برنامج «جودة الحياة»، وهو أحد برامج تحقيق رؤية السعودية 2030، في 3 مايو 2018 . ويُعنى البرنامج بتحسين جودة حياة الفرد والأسرة من خلال تهيئة البيئة اللازمة لدعم واستحداث خيارات جديدة تُعزّز مشاركة المواطن والزائر في الأنشطة الثقافية والترفيهية والرياضية والسياحية والأنماط الأخرى الملائمة التي تسهم في تعزيز جودة حياة الفرد والأسرة، وتوليد الوظائف، وتنويع النشاط الاقتصادي، وتعزيز مكانة المدن السعودية في ترتيب أفضل المدن العالمية. حيث يعمل برنامج جودة الحياة على تحسين جودة الحياة في المملكة، من خلال محوري تطوير أنماط الحياة، وتحسين البنية التحتية. فيعمل على تطوير أنماط الحياة من خلال تفعيل مشاركة الأفراد في الأنشطة الترفيهية والرياضية والثقافية. كما يعمل على تحسين البنية التحتية من خلال الارتقاء بالخدمات والبنية التحتية والنقل، والإسكان والتصميم الحضري والبيئة، والفرص الاقتصادية والتعليمية، والأمن والبيئة الاجتماعية.
ما منبع جودة الحياة أو على ماذا تعتمد؟! تعتمد اعتمادًا كليًا على جودة الإنسان ذاته. فعندما نبدأ بالنظر إلى كفاءة كل من يتم تقليده، نتأكد من الوصول إلى المرجو والمطلوب كمخرجات ونتائج.
تخيل كمواطن إذا تم توظيف ذوي الكفاءات في التعليم، كيف ستكون مخرجات التعليم لك ولأبنائك في المستقبل، ستكون على أعلى جودة. ماذا لو تم توظيف ذوي الكفاءات في الصحة، سوف نضمن الحفاظ على صحة الشعب والتقليل من المشاكل والأخطاء الطبية. ماذا لو تم توظيف ذوي الكفاءات في المواصلات، لن نعاني من المشاكل في الطرقات وسُتحل مشاكل الازدحام المروري بابتكار حلول بديلة. ماذا لو تم توظيف ذوي الكفاءات في السكن والعقار، ستتوفر مساكن على أعلى جودة والتقليص من مشاكل عدم توفر مساكن، وذلك لأن الكفاءات ستبحث عن حلول لجميع الصعاب التي يتم مواجهتها. ماذا لو تم توظيف ذوي الكفاءات في الرياضة، سنخرج بشعب صحي ولائق جسدياً مما يُقلص الأمراض المنتشرة بالمجتمع وسيخف الضغط على القطاع الصحي. ماذا لو تم توظيف ذوي الكفاءات في القطاع السياحي، لن يسوق للسياحة كابن البلد لما يكنه من ولاء ومعرفة لهذا البلد، ماذا لو تم توظيف ذوي الكفاءات في جميع المجالات ...إلخ.
سيكون المستفيد الأول والأخير هو الوطن بمواطنيه. أنت كمواطن توفرت لك جميع سبل الجودة من تعليم وصحة وسكن ومواصلات ورياضة وترفية.. إلخ. بتوفرها تزيد الطاقة الإنتاجية للمواطن في العمل.
ولكن هناك بعض المعوقات التي ستعيق تحقيق برنامج جودة الحياة إن لم يُنظر إليها بجدية وتؤخذ بعين الاعتبار. وأرجو أن تكون هذه المعوقات غير موجودة خاصة بعد رؤية المملكة 2030، هذه المعوقات تشمل أولاً عدم توظيف ذوي الكفاءات وعدم عمل دورات تدريبية تمكنهم من إتمام مهامهم الوظيفية بالشكل المطلوب. بعض القطاعات لا تأخذ بجدية قياس مؤشر الأداء لموظفيها. توظيف غير الكفاءات سواءً أقارب أو معارف تقتل النجاح وكما قال غازي القصيبي -رحمه الله: «لا شيء يقتل الكفاءة الإدارية مثل تحول أصحاب الشلّة إلى زملاء عمل». وأنا أضيف بأنه يقتل الكفاءة الوظيفية بشكل عام.
المعوق الثاني هو توظيف أشخاص من دول نامية ممن يحملون شهادات من جامعات لا تحتل أي مراكز متقدمة من التقييم العالمي للجامعات ولا يمتلكون خبرات ولم ينفعوا بلدهم بأي شكل. يتم توظيفهم في بعض القطاعات مع برامج تدريب ومميزات ورواتب عالية وبدلات. لماذا يُنظر إلى هؤلاء على أنهم أكفأ من أبناء الوطن؟ لماذا الخوف من توظيف أبناء الوطن ممن يحملون أعلى الشهادات ولديهم خبرات؟ أبناء الوطن لديهم كفاءات عالية وتم إثبات ذلك -ولله الحمد، ولكن البعض منهم لم تتح له الفرصة إلى الآن لأننا ما زلنا نعاني من عقدة أن الأجنبي أفضل من السعودي.
المعوق الثالث هو عند إحضار ذوي الاختصاص في المجال من الناجحين عالمياً. نحن لا نمانع ذلك بل نؤيده لنقل المعرفة ولكن يجب أن يكون ذلك لفترة زمنية معينة وأن يتم تكوين فريق سعودي 100 % وذلك لأن الأجنبي وإن كان من ذوي الاختصاص العالي لن يفهم الثقافة والبيئة السعودية ومتطلباتها كابن البلد. ولأن ما سيقدمه الأجنبي الناجح لن يتناسب مع بيئتنا مباشرة لذلك أفكاره وخبراته تحتاج لتعديل وتحويل وتطوير لكي تتناسب مع البيئة السعودية. وعندما يتمكن الفريق السعودي من العمل دون الحاجة للخبير الأجنبي هنا من المصلحة إنهاء عقده ومدة عمله بالبلد.
جودة الحياة نتيجة جودة الإنسان. لذلك كلما زادت جودة المواطن زادت جودة الحياة في هذا البلد العظيم. وليكن شعارنا دائماً السعودي أولاً، المواطن أولاً، فبلدنا ليست وكالة توظيف للغير. يداً بيد لتحقيق رؤية سيدي ولي العهد العظيمة والنهوض ببلدنا لتصبح في مقدمة الدول كما يخطط لذلك سمو ولي العهد.