عبد الرحمن بن محمد السدحان
* يشهد الحراكُ الأدبيُّ والفكريُّ في أكثر من موقع في هذا العالم المتلاطم يشهدُ (مخاضًا) غير هيّن، يحاول روّادُه والفاعلون له ضبطَ خطاه، وإيجاد توازن له بين (الثابت) و(المتحوّل) من الفكر والفن والرؤى.. ضمن مسارات كل حقل.. تكوينًا وعطاءً!)
* * *
* وهناك رياح من (التغيّر) و(التغيير) تهبُّ في كل اتجاه يودّ أهلُها.. لو تكون (حمولتُها) البديلة لبعض ما هو (ثابت)، بحجة أن (التغيير) غدا سمة العصر وسلطته وسلطانه! وهو في معظم الأحوال، (كما يراه المتفائلون) لا يأتي إلاّ بخير!)
* * *
* ويبدو وكأنّ هناك تحالفًا بين مكوّنات تلك الرياح، مَشارًا ومحتوىً وغايةً، غير أن هناك مشكلة تتمثّل في أن بعض الغيورين على ثبات (الثابت) لا يغذّون السير والجهد ولا يستلهموُن القرائح والهِمَمَ بحثًا عن مواقع آمنة تصدُّ عنهم (فتنةَ) الغلو انحرافًا عن بلوغ مرادهم.
* * *
* إنه مخاض صعبٌ ولا ريْب، ويَتطلّع الغيُورون على مخرجات إبداعهم إلى نهاية تصدُّ الانقسامَ أو تخفّفه بين الجيلين.. بين (مريدي) التغيير و(المتردّدين) في تأييده، لكنها رغم ذلك تؤسِّس لـ(هدنة) يتعايش في ظلها الغيورُون على (الثابت) مع المتحمسين للتغيير المنشود، وصولاً إلى شيءٍ من (التوازن) توازنًا قد لا يُرضي أولئك أو هؤلاء، لكنه يطرح حلاًّ لا يلغي كل المواقف، بل (يعترف) لكل فريق بالحق في البقاء.. ولوْ إلى حين!
* * *
* من جانب آخر، أرى أن أدبَ الثقافة أو ثقافة الأدب الذي يظلّ الإبداع قد يتعرضان نتيجة لهذه التراكمات من المواقف والآراء مقرونةً بريح من إغراءات العصر المادي، ممثّلاً في بعض (حِسّيات) الجسَد، لتصرفَ الناس عن موارد الثقافة الجادة وإبداعاتها، في الوقت الذي تنافح فيه تلك (الثقافة) عن نفسها عبر رموز الإبداع المتاحة لها، وقد تبقى المواجهة بين الفصليْن سجالاً!
* * *
* وفي الغرب (المعاصر)، استطاع أديبُه أن يصنع لنفسه (توازنًا) بين أهل (الثقافة الجادة) من جهة، ومروّجي (ثقافة الأجساد) إن صح التعبير، من جهة أخرى، بأطيافها مسموعةً ومرئية!
* * *
* فموسيقى (الروك) الصاخب و(أدب) الشريط والصحافة الصفراء وما في حكم ذلك يشغلان جهدَ وخيالَ المنتمين إلى تلك (الفنون)، وفي الضفّة الأخرى، تزدهر روائع (بيتهوفن) و(موزارت) و(شوبرت) ومن سار على نهجهم، ناهيك عن ندوات الفكر ومنابره، وإبداع المسرح!
* * *
وقفه: الحلمُ لدى المبدع السويّ (قيمة قوية) ما لم (يختطفْه) عبثُ الإفراط ويحوّله إلى (ضعفٍ مفرطٍ)!