سهم بن ضاوي الدعجاني
عندما هيأ الله لهذه الأرض المباركة قائدًا صالحاً اسمه «محمد بن سعود» -رحمه الله- أعاد لها أهميتها التاريخية ودورها القيادي وربطها بالأسس الأولى التي قامت عليها دولة «محمد بن عبدالله»- صلى الله عليه وسلم، ونشر حكم الدولة بمفهومها الحقيقي المعاصر على أجزاء واسعة من الجزيرة العربية، فبايعته القبائل والحاضرة تحت رايته وقيادته الرشيدة ودخلت القرى والأقاليم في حكمه وسلطانه، وأصبح بهذا الإنجاز العظيم أول حاكم عربي مسلم في تاريخنا المعاصر يُعيد إلى الساحة «مفهوم الدولة» في الجزيرة العربية.
إن أهمية يوم التأسيس لا تكمن فقط في كونه يوم تأسيس الدولة الحديثة القوية العادلة التي ينعم بها السعوديون اليوم، وإنما لأنه أيضاً أعاد للجزيرة العربية أهميتها التاريخية، وقيمتها القيادية من خلال موقع المملكة الحيوي في خارطة العالم السياسية والاقتصادية.
عندما تمكن الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن -رحمه الله- عام 1319هـ - 1902م، من استعادة الرياض، وإعلان قيام المملكة العربية السعودية، ووضع المؤسس الثالث أركان دولة عصرية، شهدت تطوراً مرحلياً في مختلف المجالات في عهده، وفي عهد أبنائه الملوك: سعود، وفيصل، وخالد، وفهد، وعبدالله، الذين رحلوا وترك كل منهم بصمات لافتة تبعاً للظروف السياسية والاقتصادية والاجتماعية في فترات حكمهم، وبعد تولي خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز -حفظه الله- مقاليد الحكم كسابع ملوك الدولة، وتولي الأمير محمد بن سلمان -حفظه الله- ولاية العهد، شهد الوطن ومؤسساته نقلات نوعية وتغييرات متسارعة شملت كل المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية كانت محل التقدير في الداخل والخارج، وأُقرت العديد من التنظيمات والتشريعات، وأُطلقت مشاريع تنموية كبرى، كما أُطلقت رؤية وطنية شاملة لكل مجالات التنمية وبناء الإنسان، من أجل بناء دولة المستقبل، لتصبح السعودية رقمًا صعبًا في المعادلة الدولية ومحورًا مهمًا في خارطة الأحداث السياسية من خلال حضورها الدبلوماسي النوعي عبر المنظمات الدولية المختلفة والفاعلة في المشهد الدولي.
وفي إطار إبراز هذه المناسبة الوطنية «يوم التأسيس»، وجَّه معالي وزير التعليم بإقامة مناشط وفعاليات ثقافية وتربوية وعلمية في اليوم التالي ليوم التأسيس (23 من فبراير)، بحيث تشمل هذه المناشط والفعاليات تعريفًا بيوم التأسيس وأهميته وإيضاح المضامين الكبيرة والعميقة التي في الأمر الملكي الكريم، مع التأكيد على العمق التاريخي لهذا الوطن الذي يعود إلى منتصف عام 1139هـ- 1727م، وكيف قادت رحلة التأسيس إلى ما نشهده اليوم من تطور وتنمية ورخاء، ولا شك أن هذه المناشط التي تسعى الوزارة إلى تنفيذها لأبنائنا وبناتنا في التعليم العام والتعليم الجامعي هي مساهمة منها في صياغة للعقل السعودي الذي سيجعل من يوم التأسيس انطلاقة نوعية تجاه المستقبل من خلال تحقيق مستهدفات رؤية 2030.
وهذا يقود طلابنا وطالباتنا إلى:
- الاعتزاز بامتداد جذور نشأة هذا الوطن الشامخ والعريق قبل ثلاثة قرون.
- إبراز دور مؤسس الدولة السعودية الأولى الإمام محمد بن سعود بن محمد بن مقرن -رحمه الله.
- إبراز دور المؤسس الملك عبدالعزيز وأبنائه في لم الشمل وتوحيد الوطن.
- الافتخار بمنجزات الوطن الشامخ «المملكة العربية السعودية» ورجاله المخلصين.
في الختام
«يوم التأسيس» هو حالة من الوعي السياسي والتنموي بظروف المرحلة التاريخية التي تمر بها المملكة العربية السعودية في عالم مضطرب، لتجدد علاقتها بالجذور الراسخة من خلال ما قدمه رجالات الوطن من تضحيات لإرساء الوحدة والأمن في الجزيرة العربية، خصوصًا نحن نعيش في عهد سيدي الملك سلمان بن عبدالعزيز -حفظه الله- وهو القارئ الواعي لتاريخنا السعودي بفكر قيادي متجدد جعل من التاريخ بوابة استشراف لمستقبل الوطن الحلم ومملكة الإنسانية.
** **
- مدير مكتب التعليم بقرطبة