فضة حامد العنزي
وطني حُبٌّ بداخلي يسمو، ويجري في شراييني ماءُ حُبِّه..
حُبٌّ كبير لا تصفه عباراتي، بقدر ما هو بداخلي عظيمٌ جدًّا..
قد أقولُ كلامًا وأعبّر عن حُبِّ الوطن، لكني أظلُّ مقصِّرةً في حقِّه، وإن كنتُ باذلةً جهدي لرفعة وطني؛ وهو عالٍ ومرتفع مكانةً.. وسيبقى.. وباقٍ.. بإذن الله.
أعزُّ الأوطان وطني السُّعودية، وأحبُّ الأراضي أرضي، وأكبرُ صفاتي التي أكنُّها وأظهرُها الصدقُ في حبه..
من لا خيرَ فيه لدينه ثم لوطنِهِ ووُلاةِ أمرِهِ محرومٌ من عزّته ورفعته ومكانته وصحته؛ وجَهولٌ في نفسه؛ غريبٌ في طبعه.. قد حُرِمَ أجملَ السجايا والأخلاق.. بعيدٌ عن الوفاء، ولا يعرف النبلُ طريقًا إليه، وليس له في الشهامةِ دارٌ أو مكانٌ..
حبُّ الوطنِ فِطرةٌ في الإنسانِ الأصيل، صاحبِ المعدنِ النقيّ الوفيّ التقيّ الذكيّ..
فحبُّ الوطن وولاة أمرنا آل سعود مكسبٌ حقيقيٌّ للإنسان ورُقِيٌّ.. والتعاضُدُ والحرص على مصلحة الوطن نبل وشهامة وأصالة.. وذلك هو طبعُ الأوفياءِ الكرماء السعداء.. لا الخونةِ الأشحّاء الأشقياء الذين لا أمانَ لهم.. والثقة فيهم ليست في محلها وليسوا هم أهلًا لها.. والإحسانُ فيهم يذهب سُدًى..
تركوا أرضَهم مقابل حفنةٍ من المال أو المصالح..
يدّعون طلبَ الحرية؛ وهم الذين قد قيَّدوا أنفسَهم بأنفسِهم مقابل تحقيق أهداف مغرضة من أناس تطالبهم بالسير خلفهم وسماع أوامرهم وكأنهم قطيع من البهائم.
والإنجازات في وطني كثيرة جدًّا؛ فمنذ التأسيس إلى الآن والوطنُ - ما شاء الله - من ازدهار إلى ازدهار ومن علوّ إلى علوّ ومن تقدُّم إلى تقدُّم ومن نجاح إلى نجاح في شتى الميادين وكل المجالات.. وما زال لدينا الكثير ليقدَّم للوطن..
فحُكّامُنا ورثوا المجد وصنعوه، وهذا شيء نفخر به باعتزاز، وتلك من نعم الله على هذا الوطن المبارك العزيز.. الوطن الكبير.. أدام الله هذا الخير والعز والسلام..
كن أصيلًا وفيًّا غيورًا على وطنك بالحفاظ على مقدَّساته.. ودافعْ عنها دفاعًا بما تملك وبكل ما تستطيع من قوةٍ وبسالة.. تعمل الخير للوطن.. فلا تسوء أفعالك ولا تتنكّر لزادك..
كن محبًّا لولاة أمرك، لا ترضَ التفككَ والشتات والضياع لأبناء الوطن وشعبه.. ولا تتمنَّ الزعزعةَ في أرض الحرمين الشريفين.. فمن أطهر البقاع أرضك.. وخير الملوك ولاة أمرك.. واللهِ لن تجدَ أحنَّ عليك من أصلك ومكانك وإن كنت تعيسًا.. فقط صحِّح فكرَك ونقِّ قلبَك وطهِّر لسانك.. ومُدَّ يدك لوطنك.. واعمل وانصح وأنت صادقُ العهدِ.. تقيُّ القلب.. وفيٌّ للفضائل.. سخيُّ المكارم.. ذو مروءة، وستسعد حتمًا بتعلُّقِك بالله ودعائك ونظرتك الجميلة للحياة.
وطني حِضنٌ دافئٌ وقتَ الشتاء.. وربيعٌ أخضرُ وقتَ الشدائد.. والمشكلات سحابة صيف مصيرُها الزوال من حياتنا، ونحن باقون في وطننا..
صدِّقْني؛ لن تعيشَ الجَمالَ الحقيقيَّ ولن تراه إلا بالحب.
نعم؛ بالحب لدينك ثم لوطنك وولاة أمرك.. فالدم الذي يجري في عروقك؛ اجعل غذاءه الصدق والولاء لمن هم حريصون علينا.. لمن هم أئمةٌ دعاةٌ هداةٌ مهتدون مصلحون.. لمن هم حكماءُ وشرفاء؛ يبذلون كلَّ جهد لإسعادنا؛ ولجعل الأمن والأمان يَحُفُّنا.
هي دولةٌ أسِّستْ على دينِ الله وشرعه.. وأساسُها ونهجُها ودستورُها المصدران: الكتاب والسُّنَّة - ولله الحمد -.
لن تجدَ ثمرةً طيّبة تضاهي طعمَ ثمرةِ نخيلك ولا لذةً كلذّةِ ثمار أشجارك مهما ابتعدتَ وظننتَ أنك على حق؛ وأنت بعيدٌ كلَّ البعدِ عن الصواب..
ولن تجِدَ كصفاء ماء أرضك وعذوبته مهما تعدَّدتْ مشاربُك.
تمرةٌ في بلدك أنفعُ وألذُّ من ثمارٍ في أرضٍ غيرِ أرضك. وفي البلادِ كُلِّها خيرٌ، لكنها الحقيقة.
فلتكن أرضُك جذورَ حبٍّ ممتدةً.. وعروقَ صدقٍ متأصلةً في وتين قلبك، ولا تَقْبَلْ في جذورك - لتظلَّ رطبةً دائمًا - إلا الإخلاصَ في دينك، ثم حُبَّ وطنِك وتقديرَ ولاةِ أمرِك والإخلاصَ لهم.
وبرحابة السماء.. واتساع البحار.. وامتداد الصحاري.. وعمق الإحساس وصدقه.. أنا وأنت والجميعُ للوطن؛ فلا تبتعدْ عنه فتخسر.
صدِّقْني.. الخسران هو أن لا تتمسكَ بدينك.. وهو أن تغادرَ وطنَك محارِبًا له.. وهو أن لا تنامَ في أرضك آمنًا مطمئنًّا عندك قوتُ يومك. وما يزيد على اليوم؛ فكلُّه بفضل الله ثم بفضل ولاة الأمر.
ولا تكن ممن يسلك السككَ المهجورةَ.. الموحشة.. المظلمة.. المهلكة؛ وترتضي الهوانَ والذلَّ؛ قد مزَّقَتِ الأوهامُ صفاءَ فكرِك ونفسِك؛ وغَشِيَتِ الأهواءُ بداخلك الحقيقةَ الواضحة؛ فأصبحتَ وحشًا بلا رحمة؛ وصار تفكيرُك موحشًا بلا رويّة؛ وأهدافك مضلّلة؛ وسعيك غريب الأطوار..
فلتكن نورًا.. وليدخلك النور.. ليبدّدَ كل ظلام.. بالحب والسلام.. بالصدق والوفاء.. بالإخلاص والعمل لوطنك، وسترى الجمال.. وستحظى بالسعادة.. وستنعم في الحياة.. وأنت كلُّك يقين بالله.. وترجو ما عنده من الأجر والثواب والإحسان..
فكنْ محسنًا مؤمنًا مسلمًا؛ ولتكن أخلاقك القرآن.. ونهجك اتباع السنة.. وديدنك حبّ الخير وبَذْره.. وأن لا تغادرَ الرحمةُ قلبَك؛ لتفوزَ في الدارين.. والسلام.