مها محمد الشريف
تتبوأ مملكتنا مكانة عالية تليق بها في قلب العالم بإطلالة مشرقة على التاريخ، وأهمية سياسية واقتصادية، شهد لها العالم بالكثير من الإنجازات التي جعلت من المملكة العربية السعودية علمًا معروفًا في فضاء الكون، وأهمية قدرتها في تطوير التعليم، ودعم الاقتصاد، وحفظ الأمن، ودورها الكبير في المحافل الدولية وصنع القرار، الذي أسهم في دعم القضايا الاسلامية، ومحاربة جائحة كورونا فاستحوذت على انتباه العالم بأسره.
إن ما يجب أن نفهمه جيداً هو أننا بصدد الحديث عن دولة عظيمة تستمد نسيج تجربتها من طبيعته وإضفاء الطابع الجوهري على كل محطاتها الزمنية، فقد ظل التقدم مستمراً دون توقف بوصفه انطلاقاً من الثبات، وعلاقاته محصنة من التغيَرات السياسية المتقلبة، في الحين الذي يشكل فيه الزمن عنصراً مهماً مندمجاً في لغتنا وقوامه وأوصافه الخاصة، وتم اختياره معياراً أساسياً لتحديد الوجهة وتنظيم إيقاع الحياة حسب عصرها.
وهذا أمر يستحق الدراسة من واقع تاريخنا ففي يوم التأسيس عاش الشعب السعودي كل لحظاته بأمجاد الماضي وإنجازات الحاضر الضخمة وآمال وطموح المستقبل في عهد زاهر ورؤية عبقرية بقيادة الملك سلمان -حفظه الله- وولي عهده الأمير محمد بن سلمان، أدام الله علينا هذا العز والازدهار والتقدم، وتحتفل المملكة بيوم تأسيس هذا البلد العظيم صمام أمان العالم العربي والإسلامي، ويدها ممدودة للسلام، حيث ساعدت دول كثيرة بالعالم العربي والإسلامي، وكيف أنها تشرفت بخدمة الحرمين الشريفين في مكة المكرمة والمدينة المنورة، وأصبح الحج والعمرة لأكثر من مليار مسلم آمنا وميسرا ومنظما وسهلا بخدمات عالية المستوى، وصنعت مجدها واقتصادها ورفاهية شعبها بذاتها وليس بفضل من أحد، واهتمت بالإنسان وتعليمه.
كل هذا التاريخ المجيد يقدم لنا الأحداث وهي تتابع في الزمن من غير أي ثغرة أبداً، بانطلاق واعٍ بما سيعقبه من تاريخ، حيث احتفل الشعب السعودي بيوم التأسيس الذي كان فريداً من نوعه كونه اليوم الذي يتمّ فيه ذكرى تأسيس الدولة السعودية الأولى، تلك الدولة التي قامت في عشرينيات القرن الثامن عشر، والتي أسسها الإمام محمد بن سعود -رحمه الله تعالى- وجعل من منطقة الدرعية عاصمة له، وقد أصدر الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود ملك المملكة العربية السعودية مرسومًا ملكيًا في يوم السابع والعشرين من شهر يناير- كانون الثاني من عام 2022م بجعل يوم الثاني والعشرين من شهر فبراير- شباط من كل عام ميلادي، يومًا تاريخيًا يُحتفل فيه بعيد التأسيس، وأن يكون هذا اليوم عطلة رسمية في كل مؤسسات الدولة، على أن يكون يوم الثلاثاء 22 فبراير 2022 أول يوم يتمّ الاحتفال فيه بعيد التأسيس بشكل رسمي.
فبعد تأسيس الدولة السعودية الأولى والثانية بكل ما فيها من أحداث متعاقبة شهدها التاريخ ودوّن تفاصيلها لتبدأ بعدها مرحلة ثالثة، تأسست فيها الدولة السعودية الثالثة على يد الملك المؤسس عبدالعزيز بن عبدالرحمن بن فيصل آل سعود، وكان هذا في عام 1902م، وقد عُرفت باسم إمارة الرياض ونجد والإحساء، ثمَّ عرفت فيما بعد باسم مملكة الحجاز ونجد وملحقاتها، ثمَّ قام الملك المؤسس عبدالعزيز آل سعود بتوحيد البلاد كاملة تحت راية المملكة العربية السعودية، ونصّب نفسه ملكاً، وكان هذا في عام 1932، وتحديدًا في يوم الثالث والعشرين من سبتمبر- أيلول.
وعندما تفكر ملياً وباهتمام في ذكاء ووعي وشجاعة المغفور له -بإذن الله تعالى- الملك عبدالعزيز الذي وحّد البلاد، وثبّت الاستقرار ونشر الأمن في أرض مترامية الأطراف، فالقول هنا للعقل أنه بالتأكيد معجزة لهذا التاريخ الحافل بالبطولات، نجح بسبب رؤيته الواسعة وإصراره ومثابرته، فالناس يأملون بقاء أصل الأشياء نفسها، ووجود حلقات الزمن كما هي، وهذا المنهج لترتيب الأحداث كما ينبغي، ويكون السفر في المستقبل مساوياً للسفر إلى الماضي في تاريخ ثقافتنا وأمجادنا، فالتاريخ يشهد كل الأحداث الفريدة، ويلاحظها كل السائرون إلى المستقبل، نظراً لأهمية تاريخ يعيشه كل فرد على هذه الأرض المقدسة بتجسيد الثقافة السعودية، ومعايشة المعاني السامية التي تدل على الفخر والاعتزاز بالدولة والترابط والوحدة والحماس، ورفع شعار له رابطة واقعية بين الأحداث وهو «يوم بدينا» الذي يرمز إلى تعزيز جميع القيم المتعلقة بهذا التاريخ، ويكون عنوانه يوم التأسيس السعودي.