تولى الإمام محمد بن سعود الحكم في الدرعية، فاستقرت الدولة التي بدأت تفرض الأمن والأمان على الأقاليم التي عانت من التشتت والفرقة والغزو، وقام على الفور بعدد من الإنجازات في عهده الميمون ، وكان ذلك التاريخ الحضاري المشرق للجزيرة العربية يوافق يوم 22 فبراير من عام 1727م.
ويوم التأسيس الذي نحتفل به هذا اليوم المجيد ، هو ذكرى تأسيس الدولة السعودية، يحتم علينا مسؤولية استحضار الإنجازات الخالدة للإمام محمد بن سعود سليل الإمارة والرؤية الثاقبة والقراءة المستقبلية للمآلات التاريخية ، يذكرنا هذا اليوم بتاريخ عظيم وذكرى خالدة وإرث مجيد فيه يعتز المواطن السعودي بالجذور الراسخة لهذه الدولة العظمى عبر القرون التاريخية، في صورة تلاحم مواطنيها الوثيق بقادتها والإخلاص لمشروع الدولة منذ ثلاثة قرون مستمرة من تضحيات الرجال والمواقف البطولية والولاء الخالص لأئمة هذه الدولة المباركة والذي لا يوصف منذ عهد الإمام المؤسس محمد بن سعود قبل ثلاثة قرون إلى عهد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز حفظه الله.
لقد جمع الله شتات الأمة وتوحدت الصفوف خلف الإمام محمد بن سعود وأصبحت الدرعية عاصمة الدولة السعودية الأولى المترامية الأطراف وعاش المجتمع في ظل مفهوم الدولة بعد تشييد أركانها وتعزيز ثقافة المجتمع المدني وتفعيل الأسواق والنشاط التجاري بديلا عن الغزو والسلب والنهب، إضافة إلى تفعيل مصادر العلم ورفع الجهل والدروس الثقافية التي رفعت من الوعي المجتمعي آنذاك ، لقد أصبحت الدولة في عهده مصدر جذب اقتصادي واجتماعي وفكري وثقافي، وتحتضن على ترابها معالم أثرية عريقة مثل: حي غصيبة التاريخي، ومنطقة سمحان، وحي الطريف الذي وُصف بأنه من أكبر الأحياء الطينية في العالم، وتم تسجيله في قائمة التراث الإنساني في منظمة اليونسكو ومنطقة البجيري وسوق الدرعية، إضافة إلى أن النظام المالي للدولة، والذي وصف بأنه من الأنظمة المتميزة من حيث الموازنة بين الموارد والمصروفات.
لقد أدرك الناس جميعا أهمية يوم التأسيس ولا يزالون منذ ثلاثة قرون يعيشون في استقرار وأمن بعد قرون من التشتت والفرقة وعدم الاستقرار بعد أن استطاع الإمام محمد بن سعود من الانتصار على التحديات الإقليمية والقوى الداخلية المحيطة به، وبسبب هذه النتائج الحضارية والضرورة لحياة الناس فإنه لم يمض سوى سبع سنوات على انتهاء الدولة السعودية الأولى حتى تمكن الإمام تركي بن عبد الله بن محمد بن سعود عام 1240هـ (1824م) من استعادتها وتأسيس الدولة السعودية الثانية التي استمرت إلى عام 1309هـ (1891م).
وتكررت التجربة وقناعة الناس بضرورة الدولة والولاء لقادتها إذ بعد انتهائها بعشر سنوات، قيض الله لهذه الدولة الملك المؤسس عبد العزيز بن عبد الرحمن آل سعود عام 1319هـ (1902م) ليؤسس الدولة السعودية الثالثة ويوحدها باسم المملكة العربية السعودية.
إن التاريخ الحضاري لهذه الدولة العريقة شاهد على إنجازاتها ولا تزال قصص وروايات ومصادر تلك الحقب خالدة على ألسنة المؤرخين بصورتها الإنسانية القائمة على العدل والمساواة وتحكيم . الكتاب والسنة يقول خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز: :» جاءت الدولة السعودية لتعيد الاستقرار لهذه المنطقة على نهج الدولة الإسلامية الأولى، وتوحد أغلب أجزائها في دولة واحدة، تقوم على الكتاب والسنة».
ويقول صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز ولي العهد : «لدينا عمق تاريخي مهم جداً موغل بالقدم ويتلاقى مع الكثر من الحضارات. الكثير يربط تاريخ جزيرة العرب بتاريخ قصير جداً، والعكس أننا أمة موغلة في القدم». وفي هذه المناسبة العزيزة على الشعب السعودي نرفع التهنئة والتبريكات إلى مقام خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز وولي عهده الأمين - حفظهما الله - وللشعب السعودي الكريم بمناسبة ذكرى يوم التأسيس الذكرى التي تؤكد على العمق الإنساني والحضاري والرؤية المستقبلية المشرقة لهذا الوطن الغالي.
** **
مرضي بن سليمان الرفدي - شيخ قبائل السلقا من عنزه