منال الحصيني
لقد حدث تغيّر هائل لأحد صديقاتي، فهي امرأة ذات قيمة مثرية في هذا المقال.
تعمل صديقتي مديرة في أحد البنوك لعدّة أعوام مضت، كان أسلوبها الوحيد لإنجاز الأمور هو الضغط دون أدنى تفكير فيما قد يحدث لموظفيها أو لأعصابها شخصيا.
كانت هذه هي الطريقة الوحيدة التي تعرفها.
ثم كُلفت بالانتقال إلى «مقر» آخر لتصحيح بعض الممارسات الخاطئة، وخلال جهودها للسيطرة على الأمور أصبحت على وشك الانهيار العصبي، فقد كان كل ما تحاول فعله صحيحاً تماماً، ولكن لا يمكنها إجبار الناس على تقبل أفكار جديدة.
فقد كان الصداع المزمن هو المقابل التي تحصل عليه نظير جهودها المضنية.
في أحد الأيام وبينما كانت مستيقظة في الفراش وللحظة فكرت في ترك وظيفتها والبحث عن مكان آخر للعمل فيه، في أثناء جلوسها وفي ظل ذلك التشويش التقطت كتابا نظرت إليه ثم قذفته جانبا وما أن تراجعت لتقرأه ربما لأنه الكتاب الوحيد حولها.
فتحته بشكل عشوائي وبدأت تقرأ حتى نهاية الفصل فوجدت نفسها تطبق تمارين الاسترخاء التي ينصح بها الكتاب.
استلقت وخلدت للنوم دون أن تشعر، استيقظت صباح اليوم التالي لكنها لم تكن قد تعلمت الدرس بعد.
فكيف ستتعلم ذلك في ليلة واحدة؟
عادت للعمل بنفس الطريقة وبالتالي النتائج نفسها توتر وصداع.
عادت للمنزل وكأن مطرقة داخل رأسها، وفي المساء فكرت على الفور بذلك الكتاب محاولة استكماله، يبدو أنها اكتشفت أنها (بحاجة للنظر إلى نفسها ومشكلاتها من زاوية جديدة).
بدأت بالقراءة والتفكير بشكل جاد الأمر الذي كان له أثر عظيم عليها.
إن أحد الأسرار المهمة للتحكم في التوتر هو «إدراك جميع الأسباب والمصادر المحتملة التي تسبب القلق».
فمن الصعب أن نصاب بتوتر دون أن يلازمه شعور آخر فمثلاً من الصعب أن تقول «أشعر بالتوتر» ولكن حينما تنظر إليه عن قرب تجد أنك تعني حقيقة أنك تشعر «بالحزن أو الكآبة أو القلق أو سرعة الغضب أو الضيق».
يجب أن نفهم توجهاتنا العقلية وشكل وطبيعة حياتنا، هل أنت تخاف من المواقف الجديدة؟ أو تشعر بالاكتئاب دون معرفة السبب؟
هل أنت قادراً على الاستمتاع بمبهجات الحياة البسيطة أم لا بد من وجود أشخاص «مثيرين» يفعلون ذلك لتشعر بالحياة؟.
في الواقع القدرة على الهدوء وعدم التوتر تحت أي ظرف مهما كان محرِجاً يعتمد على الممارسة الطويلة والتصميم على اكتساب هذا الأسلوب، في الحقيقة لن يحدث ذلك بسهولة وإنما بالمثابرة فلا تعتقد أننا نستطيع تحقيق درجة عالية من التحكم الانفعالي ببساطة من خلال (قراءة كتاب، أو خلال عدّة دروس بسيطة) فالانفعالات ليس من السهل التحكم بها ولكن الحقيقة تقول إن الإنسان يمكنه اكتساب أي نمط فكري يرغب بتصحيحه إذا ما جد فعلاً في اكتسابه وعمل على ذلك بجد.
في أحد الأيام أخذت صديقتي بجذب «ربطة الشعر المطاطية» الخاصة بها وهي تقول حياتي أشبه بهذه فأنا مشدودة الأعصاب ومتوترة دائماً.
كانت إجابتي لها «إن الربطة خاصتها تتمتع بالكثير من المرونة وذات الأمر ينطبق عليكِ».
لسان حالها يقول إنها تعقيدات الحياة العصرية، أعلم ذلك جيداً لكن هناك أسباب أخرى بالتحديد، جعلتها تسترسل في الحديث وذكرت أن شخصا في العمل أبعدها عن الترقية فهي تكرهه، وكذلك زوجها لا يفهمها أيضاً.
لقد باحت بكل شيء تشعر بأنها تعيش في حالة فوضوية...وأنه لا يمكنها العيش بهذه الطريقة، أجبتها بأنها ليست مضطرة لذلك.
فقط توقفي عن كُره ذلك الشخص في العمل وأعطي زوجك فرصة لفهمك.
نظمي حياتك لا تسمحي للمشكلات المسببة للتوتر بالتراكم من حولك تعاملي مع كل منها على حده، وتخلصي من تلك الأمور بهدوء، فقط حاولي العثور على (السلام الروحي).
يحدث ذلك عندما تطبقين مبدأ البساطة في حل الأمور.
التمهل له القدرة بفاعلية غاية في الروعة لعلاج التوتر وهذا ما يمكنك اكتسابه بالتدريب الفعلي من خلال الالتزام عقليا وجسديا بمبدأ «البساطة تحل الأمور» بذلك تصلين إلى السكينة ثم السلام الروحي، إذا ما طبقت تلك القواعد»أولها «أن تجعلي روحك مطمئنة» وثانيها «أن تواجهي الأمور بحقيقتها» وثالثها «أن لا تضايقي نفسك حتى تتمكني من الحلول» ورابعها «كوني هادئة فتوترك لن يغيّر شيئا ولو ظل الأمر لسنوات».
أشعُر بأن صديقتي ليست هي قبل سنتين، فردّات فعلها للأمور شبه رائعة وحديثها الممل عن التوتر والضجر لا يكاد اسمعه، ليس لشيء إلا أنها جزمت على تغيير طريقة تفكيرها والتخلص من التوتر بالتعامل مع المواقف الطارئة بروية، فقد أصبحت تفكر بشكل عقلاني في أغلب المواقف وكثيراً ما تطبق مبدأ الصمت فهي تصفه بأنه يمنحها الوقت لتهدئة أعصابها وبالتالي التغلب على المواقف.
أوافقها بأن (الصمت هو العنصر الذي تجتمع فيه الأشياء العظيمة، فهو يصل بنا إلى جوهر الصمت الإبداعي.