إن من دواعي الاحتفاء بهذا اليوم الأغر ذكرى تأسيس الدولة السعودية الأولى على يد الإمام محمد بن سعود - رحمه الله، تعزيز الوطنية في النفوس، وتثقيف الجيل بهذه الانطلاقة المجيدة وهذا التاريخ الأشم، ومراحل المهد التي واكبت مسيرة وطنهم الذي احتضنهم بكل مراحل حياتهم بالود والمحبة، والعطاء، ولإذكاء الشعور بالوطنية والانتماء، فأصبحنا بفضل الله مع ولاة الأمر كيانا متينا لا تمزقه الفتن، ولا تتخلله المحن، ولا تستطيعه المكائد، جسداً واحداً إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى، وبنيانا مرصوصا يشد بعضه بعضا, وارتباطا وثيقا بين القادة والمواطنين منذ عهد الإمام محمد بن سعود قبل ثلاثة قرون، فسارت سفينتنا مرفوعة الشراع آنفة، ترسي على موانئ الأمن والأمان والمجد، والعيش الكريم..
فكان من المبادرات الكريمة التي عهدناها من سيدي خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز - يحفظه الله، قرار تخصيص يوم الثاني والعشرين من شهر فبراير كل عام هو يوم الذكرى السنوية لتأسيس المملكة العربية السعودية، احتفاءً بهذه الذكرى المجيدة، ولا غرابة فهو المحب للتاريخ، وتوثيق صفحاته المشرقة في حياة هذه الأمة.
والمتأمل بعين فاحصة للتاريخ يجد أن مرحلة التأسيس مفصلية في حياة أمة، ليس للسعوديين فحسب، بل شكل ذلك منعطفا نوعياً، ودعامة ورأس حربة للأمة العربية والإسلامية، لكون هذه الأرض المباركة مهبط الوحي، وتتشرف أرضها بمكانة الحرمين الشريفين مقصد المسلمين من كافة أصقاع المعمورة، مزودة بأدوات وممكنات القيادة الحكيمة بكل مفاهيمها ومؤثر قوي في قرارات ومصير الأمة العربية، وتحقيق الرفاهية والأمان لشعوبها، والذود عن مصالحها وكينونتها بين الأمم.وواحة تَفَيَّأَتِ بظلالها الجزيرة العربية، واتسعت بدورها وتأثيرها جغرافيا العالم.
ويعود الفضل لله سبحانه ثم إلى مؤسس هذا الكيان الشامخ، الامام محمد بن سعود ذلك الخضرمي المظفر الذي استطاع من خلال مبدئه الراسخ تأسيس كيان الأمة الممزق، ولم أطرافه المبعثرة حيث تبلورت نماذج بناء وتأسيس ملامح الدولة المدنية وعاصمتها الدرعية، دستورها القرآن الكريم وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، أساس متين وحصن منيع.لتنطلق وبكل قوة ونجاح وإقدام هذه الملحمة الراسخة في الأذهان لتأسيس وطن وفق المبادئ السامية التي تضمن الحقوق للكل، وترسي سياسات الدولة وتعاملاتها الداخلية والخارجية، وتتصف بالمرونة والقدرة على التكيف.وقيام نسيج اجتماعي مثالي، تربطه روابط الدين والدم والوطن، فترسخت الوطنية في النفوس.
ونحن نستحضر هذا الحدث التاريخي المشرق في حياتنا ولا تغيب عنه الأذهان، وحاضر في الوجدان، وراسخ في الذاكرة، تجلت فيه البطولات والتضحية، والصمود أمام العدوان، والتحلي بأخلاق الفرسان النبلاء من خلال تقديم السلم على الحرب. وإقامة شرع الله في الأرض واحتواء الوطن بمظلة من الأمن والأمان تحمي نازليها .
ونحن اليوم في ظل قيادة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز وولي عهده الأمين حفظهما الله، نعيش امتدادا لتاريخ عريق، وأصبحت المملكة في عهدنا الزاهر في مصاف الدول المتقدمة بكافة المجالات، والدولة الأكثر تأثيرا على الساحة العربية والإقليمية والعالمية. وشهدت المملكة في عهده حفظه الله نهضة تنموية شاملة وتحولاً سريعا نحو التطوير والنمو، وتعزيز المكانة الحقيقية لهذا الوطن الأشم بقيادته وأبنائه.
** **
صالح بن خليف الدهمشي - أمين عام المؤسسة الخيرية لرعاية الأيتام إخاء